نشكر لك حرصك على برك بأبيك بعد ه، وذلك دليل على رجاحة في عقلك وحسن في إسلامك، نسأل الله تعالى أن يزيدك توفيقًا وصلاحًا.
تارك الصلاة -أيتها البنت العزيزة- إن كان تركه لها مع إنكاره وجحوده بفرضيتها فإنه في هذه الحالة يكون كافرًا والعياذ بالله تعالى، لا ينفعه شيء من العمل إذا أُهدي له بعد ه، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {وما منعهم أن تُقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله ورسوله} فمع الكفر لا ينفع شيء من العمل الصالح، ونرجو الله تعالى ألا يكون والدك من هذا الصنف من الناس.
والنوع الثاني ممن يتركون الصلاة من يتركونها تكاسلاً عنها وتهاونًا بها، ولكنهم يؤمنون ويُقرون بفرضيتها، وهؤلاء مسلمون على مذهب أكثر أهل العلم، لا سيما من المتأخرين، ومن أهل العلم من ذهب إلى كفر من ترك الصلاة ولو كان تركه لها تكاسلاً، ولكنا نرجو الله تعالى لهذا الصنف أن تشملهم رحمة الله، ووالدك إن كان من هذا النوع فوصيتنا لك أن تُكثري من الاستغفار له والدعاء.
فالدعاء ينفع ال بإ العلماء، فأكثري من دعاء الله له بأن يتجاوز عنه، وأن يغفر له، ولا سيما في الأوقات التي يشتد فيها رجاء إجابة الدعاء كالدعاء حال السجود في الثلث الأخير من الليل، وحال الصيام، وحال السفر، وبين الأذان والإقامة، وبعد العصر إلى الغروب من يوم الجمعة، ونحو ذلك من الحالات والساعات الشريفة التي يعظم فيها رجاء الإجابة.
ومن الأعمال التي تنفعه أيضًا: أن تتصدقي عنه، فإذا تصدقت عنه فإن الصدقة تنفعه بإذن الله تعالى باتفاق العلماء أيضًا، وأما ما عدا ذلك من الأعمال كقراءة القرآن وإهداء الثواب له أو غير ذلك من أعمال البر عدا الحج والعمرة إن كان لم يحج ولم يعتمر، ما عدا ذلك محل خلاف بين العلماء،
ونحن نرجو الله تعالى أن يصل الثواب إليه إذا فعلت شيئًا من أفعال الخير وأهديت الثواب له، ولكن ينبغي الاهتمام والاعتناء بما اتفق العلماء على انتفاع ال به بعد ه، وذلك كما قلنا يتمثل في ثلاثة أشياء (الدعاء له بعد ه – التصدق عنه – الحج والاعتمار عنه، لا سيما في الحج والعمرة الواجبين).
نسأل الله تعالى أن يغفر لوالدك، وأن يتجاوز عنه، وأن يُقابل إساءته بالإحسان، إنه جواد كريم، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدىً وصلاحًا.
والله الموفق.