قصة وعبرة

لما تولى الحَكم بن هشام بن عبدالرحمن الداخل الحُكم في الأندلس مالَ إلى أهلِ الفسق واقترفَ الكبائر والمنكرات .. !
فتحرّك الفقهاء وانكروا عليه فعله واعلنوا له ذلك صراحةً فحصل منه ما حصل للفقهاء من قتلٍ وتعذيب،وشاء الله لبعضهم النجاة فهرب منهم من هرب !

وكان أحد العلماء “المطلوبين”لسيف السلطان الامام الفقيه
“طالوت بن عبدالجبار ” تلميذ الإمام مالك ،وهو من( أكابر الفقهاء) وقد هرب من بطش (الحَكم )، واستخفى عند جارٍ له يهوديّ مدّةَ عامٍ كامل ،واليهودي في كل يوم يقوم بخدمته ويُكرمه أشد الكرم ، فلما مضى ( عام )كامل طال عـLـي الامام “طالوت” الاختفاء فاستدعى اليهودي وشكره عـLـي إحسانه إليه ، وقال له :

close

(

قد عزمت غدًا عـLـي الخروج وسأذهب إلى الوزير((أبي البسام ))
فقد قرأ عليّ القرآن وعلمته العلم ،ولي عليه حق التعليم وحق العشره- وله جاهٌ عند ( الحَكم ) فعسى أن يشفع لي عنده فيؤمّنني ويتركنى ).
فقال اليهودي 🙁 يا مولاي لا تفعل .. إنى أخاف عليك من بطش الحَكم بك ) وجعل اليهوديّ يحلف لهُ بكلِّ يمينٍ – ويقول له :

(( لو جلست عندى بقية عمرك مامللت منك. )).
فأبى “طالوت” إلا الخروج ،فخرج فى الخفاء ( بالليل ) حتى أتى دار

الوزير فاستأذن عليه ، فأذِن الوزير له ،فلما ⊂خل عليه رحّب به وأدنى مجلسه وسأله أين كان في هذه المدة فقص عليه قصته مع اليهودي .
ثم قال الامام “طالوت” للوزير أبى البسام :اشفع لي عند ( الحَكم ) حتى يؤمنني – فوعده الوزير بذلك ،ثم خرج الوزير من فوره إلى الأمير” الحكم ” ووكل بـ ” طالوت ” من يحرسه .

فلما ⊂خل الوزير ” أبو البسّام “على الأمير ( الحَكم ) قال له لقد جئتك بهديه( جئتك بطالوت رأس المنافقين ، قد ظفرت به ) فقال الحَكم 🙁 قم فعجّل لنا به )

فلم يلبث أن أُدخل الإمام “طالوت” عـLـي الأمير ،وكان الأمير يتوقد ويشتعل غيظًا منه
– فلما رآه جعل يقول :(طالوت ؟؟! الحمد الله الذي أظفرني بك ، ويْحك والله لأقتلنك قوة قِتله !!! كيف استبحت حرمتي؟؟ ) .
فقال له الامام “طالوت” :(ما أجد لي في هذا الوقت مقالاً إلا أن

أقول لك – والله ما أبغضتك إلا لله وحده حين وجدتك انحرفت عن الحق وما فعلت معك إلا ما أمرنى الله به ، فسكن غيظ ( الحَكم ) ثم قال : __(~~ يا طالوت .. والله لقد أحضرتك وما في الدنيا عذاب إلا وقد أعددته لك ..
وقد حيل بيني وبينك ، فأنا أُخبرك أن الذي أبغضتني له قد صرفني عنك ، اذهب قد عفوت عنك.

ثم سأله ” الحَكم ” يا إمام :(كيف ظفر بك الوزير أبى البسام ؟ ) ،
فقال : ( انـL أظفرته بنفسي عن ثقة ، فأنا لي فضل عليه – فقد علمته القرآن والبيان ،واستأذنته أن يشفع لي عندك ، فكان منه ما رأيت )
فقال له : (فأين كنت قبل أن تذهب إليه ؟ )
فأخبره ” طالوت ” بخبر اليهودي.فأطرق الأمير رأسه ،

ثم نادى عـLـي وزيره ” أبي البسام ” وقال له 🙁 يالك من رجل سوء – قاتلك الله أيها المشئووم .” أكرمه يهودى من أعداء الملّة ، وسترَ عليه لمكانة العلم والدين ، وخاطرَ بنفسه من أجله ، وغدرت به أنت ياصاحب ١لـ⊂ين حين قصدك !!
أيها المشئوم ألا أديت له حق تعليمه لك ؟؟

ألم تعلم أنه من خيار أهلِ ملّتك ،وأردتَ أن تزيدنا فيما نحن قائمون عليهمن سوء |لانتقـ|م !!؟؟
أُخرج عني.. قبّحك الله ..لا أرانا الله في القيامة وجهك هذا – إن رأينا لك وجها !! )ولا أريدأن أراك بعد اليوم أيها المشئوم ثم طرده من الوزارة وضيّق أرزاقه ،ثم مضت سنوات فرأى الناس هذا الوزير

المنافق الكاذب – في فاقةٍ وذُلّ ،فقيل له مابك وما الذى أصابك ؟؟
قال: استُجيبت فيَّ دعوة الفقيه (طالوت ).
وكتب( الحَكم )لليهودي كتابا بالجزية فيما ملك ،وزاد في إحسانه ، فلما رأى اليهودي ذلك ، أسلم .
وأما ” طالوت ” فلم يزل مبرورًا عند الأمير إلى أن توفي ، فحضر ” الحَكم ” جنازته وأثنى عليه بصدقه.وإخلاصه -وعلمه-
**********

أوردَ هذه القصة الذهبي في السِّيَر ، سيرة الحكم بن هشام ٨ / ٢٥٤
والقاضي عياض في ترتيب المدارك ،والمراكشي في المعجب ،
وابن سعيد في علماء المغرب .. وآخرون.
منقـــووووووول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top