رواية ام البنات الجزء الثاني
ليل بطول وشاح اسود ثقيل ضرب بمطارق الآلم اجسادهم النحيفة المرتعشة ، عندما لا نستطيع ان نصرخ حيث نعلم العقاب الذى ينتظرنا، ولا نستطيع تحمل الآلم لأننا ببساطه اطفال اجسادنا رقيقه ، ارواحنا بريئه ،،اذهاننا صغيره .
المؤلم بالحياة اننا لا نعلم ماتخبأة لنا لانها خادعة ولعوب تصفعنا بالمتاعب حتى نظن اننا بلغنا منتهى القسوه ، ثم تكشر عن انيابها وتشمر ذراعيها فنكتشف ان ما قاسيناة ادنى بكثير من ما ينتظرنا
وان الايام لا تآتى دائما بالخير كما اعتقدنا بل انها تحمل لنا صباحات سوداء مثل شعر رؤسنا نحن السبع اناث.
ومن يشعر بالابناء اكثر من امهاتهم ؟ عندما نزلت القبو كان الكل يصرخ من الآلم ، مددتهم وراحت تضع المرهم علي جراحهن .
نجح المرهم فى شفاء التقرحات والدمامل ، بعد ثلاثة ايام تعافين الفتيات جسديا وربما نفسيا لآنهن لا يعلمن اصلا التعب النفسى والذى يتبع قناعتنا العقلية بحقوقنا ،
كان المجتمع وقتها لا يقر بحقوق المرأة ولا يبالى بمشاعرها كان ذلك هو الاعتقاد السائد حينها بأن المرأة خلقت لتنجب وتحافظ على النسل تراعى زوجها وتحافظ على منزلها الا قلة قليلة بالمناطق الاكثر رقى ذوات التعليم المتوسط.
لكن الام ذبلت مثل نخلة جف طلعها وتوقفت عن انتاج الثمر ،
هجرها زوجها كالبيت القديم ، تركها للحرائق المشتعلة بداخلها
المرأة تحتاج لرجل مهما كانت شخصيتها عقليتها قناعتها ،
خصوصا اذا كان زوجها لمدة خمسة عشر عام .
لكن الرجال متحولون يبحثون عن التغير ، انهم يلهثون ويلهثون خلف المرأة حتى تسقط تحت مقصلتهم عندها يفتشون عن اخرى ،
يضعون ذكوريتهم فى المقام الأول حتى يقضون متعتهم ‘ انهم حقيرون كاذبون لا ينعتون المرأة عاهرة الا بعد ان يضاجعوها ،
بداء المرض ينهش جسدها دون رحمة ، مرض لئيم ينخر عظامها وصدرها باصرار مقيت ، مع ذلك لم تقصر فى عملها ،
كانت كالخادمة ، تكنس ، تمسح ، تحضر الطعام ، تهتم ببناتها مثل آلة ميكانيكية عتيقة سخرت لاسعاد الاخرين ،
حل امشير برياحة العاتية وبردة الزمهرير ، تساقطت اوراق الاشجار
مثل صحتها ، سقطت على الارض وهى تعمل ، حملها بناتها للقبو مددوها على الحصير وهى منهكة تتأوة ، افعى تقضم فى صدرها وتنفث لهب ، احاطوا بها يصرخون ، يبكون ، صراخهم تعبير تلقائى عن هلعهم رعبهم وهم ينظرون لوالدتهم التى تتلوى من الآلم ،
حضر الوالد بعد ان اخبرتة زوجتة الجديدة بما حدث ، نزل القبو وانزوت بناتة بركن الغرفة ، وضع يدة فوق رأسها لم تكن حرارتها مرتفعة ، الامر ليس خطير انها وعكة بسيطة ستعودين بعدها بصحة جيدة ، تركها وصعد لغرفتة ، امسكت زوجتة الجديدة بأذنة
زوجتك تتمارض ، انها لئيمة صدقت والدتة على قولها ،
كيف تتجراء على فعل ذلك ؟
الم تراها بنفسك ، حرارتها مستقرة ، ماذا يهلك المرأة منا غير ضربة الشمس ثم انها لا تخرج من المنزل ،
حل الغضب على وجهه القاسى ، اذا كانت تتمارض فأنها تستحق التأديب ، سحب عصاة التى يتوكاء عليها ، عصى من الخيرزان اليابس ،
نزل الدرجات كالثور وقف بجوارها ، قفى يا امرأة ولا تتمارضى ،
تحاملت على نفسها ، كانت تتمايل كقشه بمهب ريح عاصف وهى تحاول الوقوف ،
سقطت مرة اخرى للأقدام عمر افتراضى لا تتعداة انها تحملنا ما دمنا قادرين على تحريكها ،
لئيمة ، رفع عصاة واخذ يضربها ، كانت العصى اليابسة تفرقع عندما تصتدم بعظامها ، ضربها مرات ومرات ، اتقت ضرباته بيديها حتى ادميت ، البنات يصرخن برعب غير قادرات عن الدفع عن والدتهم المريضة ، تكورت على نفسها وهى تقسم بأنها مريضة ،
لف خصلات من شعرها بيدة وجرها خلفة على درجات السلم نحو صحن المنزل ، عندما بلغ السطح انقلعت بعض الخصلات بيدة القاها على الارض وكأنها نجاسة ،
ستقومين بأعمال المنزل ولو كنتي كسيحه ، نظرت المسكينة حولها بعينيها المدماة ، زوجتة الجديدة ووالدتة ينظرن بسخرية وتهكم،
جثت على الارض واخذت تمسح وتكنس ، جرت اقدامها من خلفها وجلت الاطباق ،
بهت لونها مثل مريض يحتضر ، بعد ان غسلت ملابسهم نزلت للقبو زحفا ، كان بناتها بانتظارها اتكأت عليهم ثم رقدت على فراشها وذهبت فى نوم عميق.
كان نومها عميق تتخلة بعض التأوهات، لو نظر شخص نحوها لتملكة التعجب كيف لميت ان يتألم ؟
لكننا ميتون بمنازلنا ، بمقاهينا ، بازقتنا ، بحوارينا ، بجامعاتنا ، بمدارسنا ، بأعمالنا ، مع ذلك نتألم ، لقد خلقنا ويحمل كل منا صك الآلم على عنقة.
السرطان ينهش الجسد ، يمزقة مثل خرقة بالية ، قبل الفجر اختنقت ، ضيق تنفس وسعال مدمى ، كانت تستجدى الهواء لكن غرفتها بقبو ونافذتها ضيقة ، اخذتها حشرجة الموت ورعشتة بين ظلمة ليل وقبو.
الابنة الصغرى استيقظت مرعوبة ،احتضنت والدتها بعنف ، صرخت وصرخت ، استيقظن الاخريات ، يفركن اعينهن غير مدركات لما يحدث ، ضوء لمبة الجاز يرتعش بضعف لم يسعفهم برؤية والدتهم التى تلمظ لعاب ابيض يشبة المخاط .
لكن الدائرة لا تتسع للفقراء بل تضيق وتضيق حتى تقتلهم محصورين بركن ضيق ومظلم .
امى ، والدتى ، اماة ، كلها مسميات لشخص يحتضر ،
اخذت الام تشهق مثل دجاجة قطع عنقها ، عيونها بارزة حمراء برحت مرابطها ، كل شيء وارد عند الموت ، لاننا لا نعلم كيفيتة ولا نختار الطريقة التى يقضى بها علينا .
استطاعت التنفس اخيرا كانت نوبة قاسية لا اكثر ، تجربة لكيف ستزهق ارواحنا .
لكنها كانت منهكة جدا والدماء تغطى فمها ووجهها ،
هرع الاب مسرعا مفزوع لصوت الصراخ الذى سمعة ،
وجد زوجتة مسجية تسعل دماء ، لكنها تتنفس وذلك المهم ،
فى الصباح سنحضر لك حكيم الصحة ، الام المطيعة شكرتة .
اتى الصباح ولم يذهب الزوج لاحضار حكيم الصحة ، وظلت الام راقدة على حصيرتها تنتطر الفرج ، اذن الظهر لم يصلى الاب بل سار متثاقلا تجاة الوحدة الصحية القديمة ،
الوحدة الصحية ذات الجدران القديمة المتعفنة مثل المجتمع تحيط بها البرك ، دلف الزوج لحكيم الصحة والذى لم يكن طبيب كما درجت العادة بل ممرض (تمرجى)
كان التمرجى جالس على مقعدة عندما توسلة الرجل للكشف على زوجتة ، بعد ان فتل شاربة ونال بعض المدح والثناء صحب الرجل تجاة منزلة ، كان الزوج يحمل المخلة الجلدية ويسير خلف التمرجى الذى ينال تحية الرجال الجالسين امام منازلهم بأحترام مخبر آمن دوله.
نزل القبو وعاين الجسد مثلما تعلم ، نزلة برد شديدة لقد قتلت الرطوبة تلك المرأة يجب نقلها لاعلا ، وصف لها بعض الدواء
مع ضرورة ان يدهن جسدها بليمونة وملح ،
بعد ان رحل التمرجى قطعت البنت الكبرى ليمونة ودهنت بها جسد والدتها ووعدها الاب بأن ينقلها لاعلا صباح اليوم
دهن البنات جسد والدتهن بليمون كثير لكن صحتها لم تتحسن وعزين ذلك لعدم صلاحية الليمون وفسادة ، الليمون شرير مثل والدنا قالت البنت الصغرى بصوت خافت ، بل مثل جدتنا الحمقاء قالت الفتاة الكبرى ، الموت لا يأتى فجأة ، تسبقة مقدمات ، سقوط ورقة شجر ، نعيق غراب ، نباح كلب ، فنجان يكسر .
الموت بحيط بنا فى كل وقت لكن مقدرتنا محدودة ،
وجهك يا والدتى مثل البرتقالة الحامضة تبسمت الوالدة لابنتها الشقية الصغرى ، عندما تموتى سندفنك بجوار اختنا الصغرى وسأتى لزيارتك كل يوم ، لن اتركك بمفردك مثل والدنا اردفت الصغرى.
اشتد المرض بالوالدة لم يكن من الغريب ان تصرخ من شدة الآلم اثناء الليل ، نحف جسدها اكثر وظهرت عظام وجهها ،
تلون شعرها بالابيض ثم بداء يتساقط مثل اوراق الاشجار بفصل الخريف ، كانت الفتاة الصغرى تجمع الشعر المتساقط وتزين به عروستها التى صنعتها من الطين .
طالت رقدتها وظهرت القرح بجسدها لم تكن قادرة على التحرك ، قرح قاتمة مملؤة بالصديد ، الذباب يطن من حولها ويلتصق بها بمحبة كأنها فرد من العائلة ، لم تقوى على القيام لقضاء حاجتها
وكانت ابنتها الكبرى تساعدها والتى كانت تقوم ايضا باعمال المنزل نيابة عن والدتها.ططططط
بأحد زيارات اخ زوجة والدها الجديدة رأها ، اعجب بها وطلب من والدها الزواج بها ، تعلل الاب بصغرها فلم تكن قد بلغت الخامسة عشر بعد ، بعد ان رحل وبختة زوجتة الجديدة وتمنعت علية ، والدتة ايضا وبختة، لديك ستة افواة مفتوحة تحتاج لطعام وملابس ، لم يجد حل الا الموافقة على الزواج،
استدعى الوالد ابنتة الكبرى اخبرها بأن هناك شخص تقدم للزواج بها وانه قد منحة الموافقة ، لكنها لم تكن تعلم ماذا تعنى كلمة زواج ، لم تسمع بها قبل ذلك ، مع هذا كانت تكرة الرجال مثلما تكرة والدها ، لكنها لم تكن تمتلك حق الرفض ولا العصيان ، سيهشمها والدها بعصى الخيرزان اليابسة التى يضرب بها المواشى ،
اخبرت والدتها بقرار والدها فزاد مرضها ضعفين ، لازلت صغيرة يا ابنتى ، الزواج منهك ومتعب ، انت لا تمتلكين القدرة بعد لتحمل مزاجية رجل ونزواتة الحيوانية ، انهم لا يرحمون ، كانت تعلم بأنها غير قادرة على المعارضة لكن بداخلها اشتعلت حرائق كبيرة ، غيظ مكتوم خانق يدمرها ويفسخها من الداخل ، تلك الليلة ماتت ام البنات ، لم يقتلها المرض بل الغيظ والظلم وعدم القدرة عن الدفع عن النفس ، ماتت ام البنات تاركة خلفها ستة فتيات صغيرات لا يعلمون من امر الحياة شيء ، كل املهم يتمثل بوجبة عشاء كاملة غير الفتات الذى يمنحهم اياة والدهم القاسى ،
امى اريد ان اتبول قالت البنت الصغرى بعد ان امسكت بذراع والدتها وجذبتة ، لكن الام لم ترد وكيف ترد وقد تركت الارض ، الحياة ، العالم ، البشرية القذرة ، امى ، امى ، لم ترد الام ، حسنا ساتبول هنا وعليك ان لا تعنفينى فى الصباح ، تبولت واكملت نومتها، اشرقت الشمس وتخللت نافذة القبو بعض ضؤها بصعوبة ،
استيقظن الفتيات بداء بعضهن باللعب بينما همت الكبرى بايقاظ والدتها لتدهن جسدها بمزيد من الليمون الحامض الفاسد ، كان جسد والدتها بارد عندما مررت يدها علية ، جذبتها ، هزتها ، لكن الوالدة لم تستيقظ ، تجمعن الفتيات من حولها كل واحدة منهن امسكت بجزء من جسدها تهزة وتجذبة، جهشت البنت الصغرى بالبكاء كانت تصرخ اريد طعام يا والدتى ، تسحبت البنت الكبرى نحو المنزل احضرت رغيف خبز قسمنة بينهم والتهمنة فى جوع ، تركن جزء من الرغيف لوالدتهم كانوا يظنون انها بأغفأة وستفيق بعد لحظات ،
لكن الام لم تفيق ، اذن المؤذن للظهر كانت البنت الكبرى قد انهت اعمالها ونزلت للقبو ،
افيقى يا والدتى اصبحنا الظهر ، يبدو بأنك متعبة، تحتاجى لمزيد من الراحة ، التزمن الصمت ليوفرن لها سبل النوم ،
اكل الليل النهار ،ظهرت النجمات ، تعالا القمر بالسماء ،
نامت الفتيات بجوار والدتهن ، قبل منتصف الليل لكزت البنت الصغرى اختها الكبرى لكزة قوية ، سألتها الكبرى ماذا هناك ؟
لقد تعفنت والدتنا ، كانت رائحة جسد الوالدة قد بدأت بالظهور تعفن جسدها واكل بعضة الدود ،
الامر غريب كيف للدود ان يعرف الجسد الميت ؟
هل يعيش بداخلنا ينتظر تلك الللحظة، ام انه يعيش معنا ولا نراة ؟
صرخت البنت الصغرى بصوت مرعب ، صعدت الدرجات مجهشة بالبكاء نحو والدها تصرخ لقد تعفنت والدتنا
…يتبع
الجزء الثالث والاخير من هناااااااااااااا
الجزء الثالث والاخير من هناااااااااااااا