حكاية بنت الصياد كاملة

قالت السّمكة :سأحضر لك أحد خيول البحر ،وسيوصلك إلى داركم ،وعليك أن تحذري من زوجة أبيك، فهي لن تتردد في التخلص منك مرة أخرى !!! أجابت عيشة :لم أكن أتخيّل أنها بمثل هذه القسوة، يجب أن أصارح أبي بما يحدث ،لقد كنا سعداء بدونها . الآن لدينا المال، وبإمكانه أن يتزوّج جارية أجمل وأصغر منها . بعد دقائق جاء حصان وردي اللون ،وقالت لها السمكة : هذا هدية لك ،سيسبح قرب الشّاطئ ،وبإمكانك الرّكوب عليه والتّجول بين الجزر الصّغيرة في البحر .ولقد أعطاك أبي ملك الأسماك شيئا لك ،وأخرجت لها صرّة صغيرة فيها جواهر ،ففرحت به عيشة ،ووضعتها في جيبها ،ثمّ ودّعت السّمكة ،ورجعت إلى الدّار .

 

close

رأتها زوجة أبيها، وقالت :لا أفهم كيف رجعت ،لكنّها لا يجب أن تبقى هنا !!! ثم أخذت عصا ،و ،وجاءت إبنتها ،وشدت شعرها ،لكن المة عيشة أفلتت منهما ،وهربت في الغابة ،ثم شرعت في ،ولم تعرف أين تذهب.فالليل بدأ في النزول .ما رجع الأب في المساء قالت له زوجته :إن عيشة يسكنها الجن ،فلقد ت أختها ،وكادت تها ،نظر إليها الصياد وإندهش لكثرة الّ والقرص في ،وصاح: كيف تفعل ذلك ؟ الويل لها إن وجدتها أمامي !!! أين هي الآن ؟ أجابته : لقد هربت إلى أصدقائها الجن في الغابة ،إسمع يا رجل لا أريدها أن ترجع إلى هنا هل فهمت ؟ صمت الصياد ،ثم قال الآن أريد أ أتعشى وأ ،وفي الصّباح سأذهب للبحث عنها ،وأها لأحد الشيوخ ليقرأ عليها القرآن .

 

هامت عيشة على وجهها في الظلام، وبدأت تشعر بالبرد والرهبة ،وفجأة رأت نورا خافتا فإتجهت ن،وكان يصدر من كوخ صغير، ولمّا دقت الباب خرجت لها مرأة قبيحة المنظر ،فخافت منها، وهمت بالهرب ،لكن وصل لأنفها رائحة طعام شهي ،وأحسّت بالجوع ،فتمالكت نفسها ،وقالت :لقد ضعت في الغابة، وأريد أن أبيت عندك هذه الليلة !!! كانت تلك المرأة غولة ،وخاطبت نفسها : غدا أجعل منك قديدا ،فليست لي عولة للشتاء ،دخلت عيشة ،وأكلت حتى ش ،ثم ت حتى الصباح ،ولمّا إستيقظت وجدت ساقيها مربوطتين ، والمرأة تشحذ ا ضخما، غني :

أعدّ عولة
مثل كلّ مرّة
قديدة فيها شحمة وعظمة
أغطها بالزّيت
وأخفيها في جرّة
لكي لا تأكلها الفأرة

 

فهمت عيشة أنّ تلك المرأة غولة ،و تريد أن تأكلها ،ففكّرت قليلا ،ثم قالت لها : كرين فأنا بنت صغيرة أعاني من الجوع ،ولا أنفع لطعامك ،لكن أمنحك صرّة فيها جواهر، تشترين بها قطيعا كاملا من الثيران والكباش ،وسأساعدك في عولة القديد، والكس ،والزّيتون المملح !!!
لمّا سمعت المرأة ذلك لوّحت بها ،وقالت: إرمي الصّرة، وإياك أن تحاولين خداعي ،وإلا دققت عظامك !!! أخرجت عيشة الصرّة، و لها ،ولمّا فتحتها ظهر السرورفي عينيها ،وقالت من أين حصلت على كلّ هذا المال أيتها الماكرة ؟ أجابتها : فكّي وثاق الأول، وسأروي كل شيئ . لم تشأ عيشة أن تبوح لها بسرّ السّمكة ،وأخبرتها أنها تطرز الحرير بخيوط الذهب والعدس الملون، بيعه في السوق للأعيان ،و الزخارف التي تقوم بها بديعة جدا لا يوجد لها نظير إلا عند الجن .
قالت المرأة : مدهش ،والآن هيا بنا نشتري طعامنا ،ونعد عولتنا ،أعرف ضيعة قريبة كنت أسرق منها ،لكن صاحبها ملأها بالكلاب و رزقي ،أمّا اليوم سأدفع لذلك اللعين ثمن ما آخذه ،وسينقل كلّ شيئ حتى باب الكوخ،أمّا نحن سنرتاح قليلا في الظلّ ..

 

غطت الغولة رأسها وذهبت مع عيشة للّضيعة واشريا أربعة أبقار سمينة وأكياسا من القمح والشعير وجرارا من الزيت ،وكثيرا من الدجاج ،ولما رجعا ت الغولة عجلا ،وطبخت كس باللحم والفلفل الحار،وأكلت عيشة وت ،بينما الغولة تعدّ القديد ، ،كانت قوية ،عمل بنشاط ،ولمّا نهضت البنت من ،وجدتها قد أتمّت تقطيع كلّ العجل ووضعه في الشّمس ليجفّ ،وخزنت العولة في الدهليز ،وكلّ شيئ كان مرتّبا في مكانه ،ثمّ خرجت من الكوخ فوجدت الماشية ترعى والدّجاج ينقر الحب، فأحسّت بالراحة بعيدا عن زوجة أبيها وإبنتها اللعينة ،وقالت في نفسها والله لن أرجع لدارنا ما دامت تلك المرأة تعيش فيه ،والغولة أحنّ منها .

في المساء أعدّت عيشة برّاد شاي على الكانون، وجلست أمّها الغولة على حصيرة ،وقالت لها :الآن قصّي علي حكايتك فإنّي أحبّ سماعها !!! بدأت عيشة تروي ما حلّ بها بعد م أمّها ،وكيف حاولت امرأة أبيها إغراقها في البحر ،وكيف وطردتها . ت الغولة ،وقالت : أعدك بالإنتقام منها ،لقد كان لي إبنة في مثل سنك، لكن مرضت ،و بعد بضعة أياّم ت،ومنذ ذلك الحين ،وأنا أعيش بمفردي ،إسمعي !!! من اليوم أنت إبنتي ،ولن أسمح لأحد أن يمسك بسوء، تعالي واجلسي في ي ،أحسّت عيشة بإطمئنان لم تحسّ بمثله منذ زمن طويل ،وأغمضت عينيها وت .

 

في الصّباح وجدت حليبا طازجا وخبز طابونة وزيتونا ،فلما أكلت ومسحت يديها جاءتها الغولة ،وقالت أنظري ماذا أحضرت لك من السّوق !!! صاحت عيشة بفرح ،فلقد مدّت لها سلة فيها حرير، وإبر وخيوط الذهب والفضة ،وكل ما يلزم للتطريز .
جلست البنت أمام باب الدّار ،وأخذت ا من الحرير وزينته بأحد بالزخارف التي رأتها في مملكة الجن ،وفي المساء نادت الغولة ،وأرتها ال الذي طرزته فإندهشت ،وقالت :لم أر في حياتي شيئا أجمل من ذلك سنكسب كثيرا من بيع شغلك ،وسننشأ مزرعة صغيرة قرب الدار .كانت الغولة تجمع كل أسبوع طرزه البنت ،نزل إلى السّوق لتبيعه ،وسرعان ما أصبح التجار يتنافسون على بضاعتها ويشترونها بأغلى الأثمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top