– ايه ده … ماشاء الله دي من أهم شركات الهندسة المعمارية هنا… أنت مهندس معماري صح ؟
– أيوة…وشغلي ده اه بعيد عن دراستي بس هي مهنة إضافية كده
همس كمال بفخر :
– برافو عليك والله يا باشمهندس محمود… كاميليا كمان مهندسة
– مهندسة معمارية؟
– أيوة بس انا خريجة السنة دي لسه متخرجة… متعرفش بيحتاجوا حد للشغل ولا ايه الدنيا عندهم ؟
– بصي هما بيحتاجوا بس مدير الشركة يعني ساعات بيبقى متشدد شوية بس ممكن اشوفلك كده…ممكن تاخدي رقمي واول ما يعلنوا أنهم محتاجين ناس اكلمك وتقدمي
قاطعه كمال بسرعة:
– لا خد رقمي انا يا باشا وكلمني انا
أومأ محمود بموافقة :
– ماشي مفيش مشكلة
– بس ياريت بجد متنساش
– حاضر متقلقيش حضرتك
_______
بعد مرور أربعة أشهر على التخرج..
دلفت تلك الطفلة الجميلة ذات الثلاث أعوام ونصف .. ببشرتها البيضاء و شعرها العسلي الاشقر الفاتح .. وعيون زرقاء
تسلقت السرير لتجلس بجانب أمها وهمست بصوتها المدلل :
ـ مامي…
همست كاميليا :
ـ نعم يا دانا…
ـ أنتِ نمتي؟؟
نهضت كاميليا وهي تقبل طفلتها من خدها الممتلئ الجميل :
ـ لأ.. كنت مريحة شوية
سألتها دانا بفضول:
-هو أنا هكلم بابا أمتى؟
أشاحت بوجهها للجهة الأخرى قائلة بضيق :
– تكلميه إزاي ؟؟
قالت دانا:
– زي عمر ابن طنط جهاد لما بيكلم باباه .. هو بيكلمه قدامي حاجة اسمها ڤيديو كول يا مامي.. علشان باباه مسافر زي بابي بتاعي أنا .. بس هو بيكلمه كل يوم
مش زيي
شهقت كاميليا وحاولت التحدث بثبات:
– ها .. اه اه يا حبيبتي هبقى أشوف كده
زفرت دانا بزهق:
– مامي مش أنتِ قولتيلي قريب هبقى أشوف بابا
دمعت عيناها وردت بصوت مختنق:
– أيوة يا حبيبتي بس هو مشغول أوي .. وبعدين بابا عمر غير باباكِ .. باباكِ عنده ظروف
أسبلت الطفلة جفنيها بحزن :
ـ وهي الظروف دي مش عاوزاني أشوف بابا ولا حتى أكلمه ليه؟
همست كاميليا بحزن:
ـ إن شاء الله قريب هتشوفي بابا
لاحظت الطفلة حزن أمها فسألتها بحنية :
ـ مامي… ميكي أنتِ زعلانة ؟
ابتسمت لذلك اللقب المدلل الطفولي “ميكي” الذي تسميها طفلتها به
– لا يا حبيبتي مش زعلانة
ـ قولي لبابا دانا زعلانة منك أوي علشان مش بتكلمها ومش بترجع من السفر
سالت بعض من دموعها عندما ضعفت مقاومتها، ضمتها إلى صدرها بحنان قائلة:
ـ إن شاء الله هنفرح قريب يا روح مامي .. ممكن بقى كفاية كلام و ننام عشان مامي رايحة تعمل انترفيو شغل بكرة وأنتِ عندك حضانة
كيف لم يرَ طفلته حتى الآن؟؟
مرت ثلاث سنوات ونصف دون أن يراها ولو لمرة واحدة !!
كيف هان عليه أن يترك طفلته طوال هذه السنوات وهي تعطي لابنتها مبررات حتى لا تجرحها كما جرح كاميليا
_____
زفرت والدتها بضيق بعد سماعها حديثها المعتاد مع ابنتها مع اختلاف المواقف .. نهضت كاميليا من جانب ابنتها وقبلتها على رأسها وتركتها تنام
همست أمها بغيظ:
-هتفضلي لحد امتى تكذبي على بنتك !