رفعت رأسها بعينين محتنقتين وهي تستوعب كل ما قاله .. فزفرت هادرة:
– هو قالي انه بيحبها
أومأ منصور بضيق:
– هو حب يديها اللي هو اتحرم منه .. فاكر أنه كده بيعوض الماضي .. فاكر أنه يقدر يغير اللي معرفش يطوله زمان.. لكن اول ما
تتجوزوا.. كل ده هيختفي.. نديم مش هيقدر يتحمل يشيل مسؤولية .. ولا هيقدر يحب بنت مش بنته.. زي ما نديم معرفش يحب مراتي زي أمه ولا هي قدرت تعوض مكانة أمه.. هو اه بيحبها وهي بتحبه لكن لا هو قدر ينسى أمه ولا هي هتحبه اكتر من سارة بنتها..
– ومعتقدش يعني أنك هتحبي تكوني مطلقة للمرة التانية .. المرة التانية اصعب بكتير من الاولى.. الجوازة التانية لما تفكري فيها فكري فيها صح وبعقلك اكتر
اغرورقت عينا كاميليا بدموع لم تنساب أبداً :
– ليه … ليه هو يلعب بمشاعري ويحسسني انه هيعوض بنتي عن ابوها وهيحبها !
صاح باندفاع:
– لازم يقول كده .. وبعدين انتي جربتي تتجوزي وعارفة اكيد أن الرجالة بتتغير بعد الجواز.. اكيد طليقك مكنش زي كده قبل
الجواز..
أردف منصور بواقعية:
– الراجل بيتعرف على حقيقته لما بتتجوزيه.. وانتي وحظك بقى
اخترقت تنهيدة عميقة صدرها وهي تعاتب نديم وكأنه أمامها:
– هو ازاي كده !!
– اللي انا جايلك عشانه… اني انصحك متقعيش في الموقف ده .. وتفكري كويس اوي .. معتقدش بالسرعة دي نديم قدر يحبك..
– هو مقالهاش اصلا
أجفل منصور بقوة:
– نديم مش بيحبك ولا هيحبك عشان نديم محبش في حياته حد غير أمه رغم كل اللي عملته فيه.. هو شايف فيكي اللي أمه معرفتش تعملهوله زمان.. عشان كده هو منبهر بيكي.. راجعي تصرفاته معاكي وانتي تتأكدي.. انا معنديش اي مشكلة تتجوزوا بس حرام يظلمك معاه وتتحطي في مكانة سد خانة لحد مش موجود..
ثم أردف بهدوء:
– انتي جميلة و صغيرة وناجحة .. شوفي انتي دلوقتي في مكانة كويسة جدا .. تخيلي كده بعد كل ده تخسري حياتك وشغلك بسبب راجل ! انا عارف انك ذكية .. لما سألت عنك .. بس معتقدش انك هتتبسطي لما تخسري شغلك..
رفعت عيناها له قائلة بعدم فهم:
– حضرتك تقصد ايه ؟
رد منصور بقسوة:
– سيبي نديم .. لانه دلوقتي بيعاند ومش هيرضى يسيبك من نفسه.. هو مجرد بيعطف على بنتك لأن باباها مش معاها…
ثم أردف بغموض :
– انا شايف لو انتي حابة تكملي في شغلك وتترقي لمكانة أعلى.. تشوفي مستقبلك احسن.. لأن مش هقبل أن ابني يدمر حياته وهو مش حاسس بنفسه.. وكمان حرام يدمر حياة واحدة مالهاش ذنب ويكسر قلب طفلة ويعلقها بيه وبعدين يسيبكم..
صمتت كاميليا وهي تشعر بالغيظ والكره لنديم .. ليردف منصور بابتسامة وهو ينهض من مقعده :
– بالمناسبة .. في حفلة هتتعمل كمان يومين هيكون فيها اكفئ مهندسين في الشركة.. ياريت تشرفينا فيها طبعا .. و ده اهم حاجة انك تبصي لشغلك ومستقبلك عشان دول اللي باقيين لك اصلا
____________
“قضيت عمرًا كاملًا في المحاولات، أحاول أن أنجو أخبر نفسي كل صباح أن هناك أشياء جميلة تنتظرني، هناك لحظات سعيدة قادمة، ولكن في النهاية أفشل كعادتي، لا يوجد شئ هنا يستحق كل تلك المحاولات، كل لحظة هي حرب لا أستطيع الفوز بها، كل لحظة هي معاناة جديدة عليّ أن أمر بها، ولقد سئمت كل تلك الحروب، أريد أن أستريح”.
بعد خروج والد نديم من مكتبها..دمعت عيناها من ما سمعته .. منذ وقت قليل فقط كانت ستضعه في مكانة سندها و رجلها..
حلمت انه سيقنع اهله واهلها به … وسيكون هو عوضها بالدنيا عن ما مرت به .. والآن أحلامها تحطمت مرة أخرى
بعد أن صدقته و رأت فيه امان وحماية تحميها من قسوة العالم الخارجي بعد انفصالها
لتجده فجأة أمامها يحدثها بينما هي في عالم اخر شاردة .. فـ مد يده يمسك بيديها ليلفت انتباهها، فجذبتها بعنف كمن مسته الكهرباء:
-متلمسنيش، متفكرش أنك حتى تقرب مني
اتسعت عيناه بصدمة فهو منذ بضعة ساعات كانت تتحدث معه بطريقة لطيفة :
– مالك يا كاميليا في ايه ؟
وقفت ترمقه بنظرات عتاب و كره عاجزة عن النطق بما يجيش به صدرها لتهمس بقوة:
– في أن انت طلعت زيك زيهم فعلا … يمكن أحقر منهم
نديم بإستغراب:
– ده انا ؟؟؟ عملت ايه بقى
ابتسمت من وسط دموعها قائلة بقسوة :
– طلبت تتجوزني عشان تعوض النقص اللي عندك ! عشان امك رمتك وانت صغير وسابتك واتجوزت…
اتسعت عيناه بصدمة :
– كاميليا…. انتي جبتي الكلام ده منين !!!!
– من باباك .. هو قالي كل حاجة خلاص.. وانت بقى قولت بس اخيرا لقيت اللي تعوضك عن اللي اتحرمت منه زماااان
صمت نديم وعيناه قد أظلمت .. لتواجهه كاميليا قائلة:
– سكت يعني؟؟ مش هي دي الحقيقة !