ظنته في البداية يقف بصُحبة إحدى أصدقائه أو جيرانه فتباطئت فى سيرها حتى يلمحها ويفض حديثه سريعًا ليُخلي لها الطريق للصعود كعادته، إلا إنه تلك المرة لم يفعل، بل لم يلحظها من الأساس وكأنه في عالم آخر جذب انتباهه وابتساماته، لذا ملأ الشك قلبها فأسرعت الخُطى حتى لمحت تلك الفتاة ..
فتاة بمنتصف العشرين من عمرها وقفت بتمايل إلى جواره، تاركة شُعيراتها السوداء الطويلة كليل العُشاق تتطاير حتى كادت أن تصطدم به بينما هي مُنشغلة بالتطلع إليه بإعجاب واضح أثناء حديثه من خلال أعينها
السوداء الواسعة المُزينة بأدوات التجميل التي زادت من اتساعها، كانت تلك الفتاة جميلة وكُل ما فيها جميل، فشفتيها مُكتنزتين ووجنتيها ناضجتين مُشرأبتين بحُمرة الخجل، وهذا ما زاد من اشتعال الغيرة بداخلها ..
لأول مرة تشعر شمس بذلك الحريق ينشب بداخلها، وكأن شرارة صغيرة اندلعت لتلتهم على إثرها غابات السافانا بكامل حشائشها في حريق هائل لا يطفأه أو يحتويه سوى مُعجزة يختصها بها العناية الإلهية ..
حاولت التماسك وهى تقترب أكثر إلى أن وقفت بجواره وبالأخير شعر بها بعد أن توجهت إليها أنظار تلك الحسناء بتساؤل، فلم يُكلف نفسه عناء تعريفه لها بل لم يشعر بالدهشة لقدومها وأكتف بقوله دون اكتراث :
_ أطلعي ياشمس ماما فوق ..
إلا إنها تثاقلت في وقوفها وكأنها التصقت بالأرض من تحتها وتركت ما بيدها قائلة ببرود :