لقد انشغل في تأملها وإشباع عدستيه منها لدرجة إنه لم ينتبه إلى رنين هاتفه المتواصل والموضوع أعلى الطاولة من أمامه، بعكسها هي التي حاولت اختلاس النظر إلى هوية المُتصل، وعندما فشلت في ذلك، رفعت بصرها إليه
مُشيرة إلى هاتفه دون أن تتحدث، إلا أنه لم يُلاحظ من نظرتها تلك سوى لون الكراميل الذى تميزت به عدستيها، والذى طالما أحس بنعومتهما التي تجذبه إليهما دون مقاومة منه، تمامًا كالكُثبان الرملية المُتحركة الناعمة التي تُغريه برخاوتها للغوص بداخلها، فيُصبح قاب قوسين أو أدنى من الغرق بداخل أنهارها من العسل المُصفى ..
وتحت ذلك السيل من النظرات، لم تستطع هي التماسك وإظهار القوة لأكثر من ذلك، فبدأت في فرقعة أصابعها بتوتر وهى تقول راغبة في تشتيت أنظاره عنها :
_ أتفضل العصير ..
إلا إنه أعاد كلمته من جديد بنبرة أقرب للرجاء تلك المرة قائلًا بصدق :
_ وحشتيني …
ازدردت لُعابها بشكل ملحوظ قبل أن تتساءل بتهكم مُرتعش :
_ وحشتك ؟
ابتسم بهدوء وهو يتطلع إليها بشغف منتظرًا التماع ذلك البريق الخاص داخل عينيها من
أجله كما أعتاد، إلا أن نظراتها المُرتبكة لم تتغير فأصابه الإحباط لبضع ثوان قبل أن يتساءل باستغراب وكأنه لا يعلم سبب استنكارها :