بالرغم إنه كان من سُكان القاهرة الكُبرى وقتها إلا إنه تعامل وكأنه وافد من إحدى المُحافظات البعيدة، فبدأ استعداداته بعد آذان الفجر مُباشرةً وغادر باكرًا ليجد نفسه يقف أمام قاعة المؤتمرات قبل بدأ استقبال المعرض للجمهور بأكثر من ساعتين مروا عليه كالدهر حتى تمكن من الوقوف أخيرًا داخل جناح دار النشر المُتعاقدة معه فى ذلك الوقت، والتي خلت من أحدًا سواه هو وبعض العاملين ..
كان ذِراعه مُثبت على مقود السيارة بتململ عندما انتهت اُغنيته المُفضلة لكن رغمًا عن ذلك لم تتوقف الذكريات عن التدفق بداخل عقله، ابتسم بسخرية مُتذكرًا ذلك الإقبال الضعيف بل الذى كاد أن يكون معدومًا على روايته في اليوم الأول للمعرض، حيثُ جلس وحيدًا فى إحدى الأركان بجانب بعض النُسخ بعكس باقِ الكُتاب في جميع الأرجاء والذين جلسوا بابتسامة عريضة وسط لفيف من المعجبين المُتهافتين على إمضاء صغير منهم، بينما هو استمر بالعبث بالعلبة الحمراء التي تحتوى قلمه مُتسائلاً عن الوقت الذى سيحين له فيه فتحها واستخدام ما بداخلها ..
وبعكس ذلك الإحباط الذى تملك منه في أولى أيام المعرض حيثُ لم تُباع سوى خمس نُسخ من روايته والتي لم يهتم أصحابها بتوقيعه داخلها، لكن فجأة حدثت طفرة لم يتوقعها وذاع صيت روايته بلا أي مُبرر، وأقبل عليها المئات من القُراء حتى نفذت الطبعة الأولى عن آخرها قبل انتهاء المعرض وانهالت عليه عبارات الإطراء والمديح بل وتهافتت عليه دور النشر لإمضاء عقود روايته القادمة بعدما فشلوا في إقناع دار النشر خاصته بشراء
حقوق ملكية روايته الأولى والتي وصلت الآن إلى طبعتها الخمسون بعد مرور عشرون عامًا كاملة رغم تواجد نُسختها الإلكترونية المجانية على صفحات الإنترنت ..
أما اليوم ..
فها هي الشمس كانت قد شارفت على المغيب عندما قرر هو أخيرًا النهوض من أعلى فِراشه بتكاسُل وبدأ استعداداته للذهاب إلى المعرض …
ورغمًا عنه، مع كُل حفل توقيع لرواية جديدة تصدر بإسمه سواء بداخل مصر أو بإحدى الدول العربية الشقيقة، تخبو لمعة الحماس داخل مقلتيه حتى أصبح الموضوع روتينيًا إلى حد كبير بل وكأنه عبئ ثقيل أعلى كاهله لا