فانتفضت من مكانها على الفور وتطلعت إليه وكأنها تُبصر لأول مرة، فهي لا يمكن أن تُخطئ تلك اللمسة السحرية التي تجعل جسدها ينتفض من أعلاها إلى أخمص قدميها وكأنها تعرضت لتيار كهربائي خفيف، وعلى الفور نجحت شمس في معرفة هويته ما إن أمعنت النظر إليه من خلف دمعاتها، لذا توقفت عن البُكاء والنشيج وتطلعت إليه بهدوء على ضوء القمر المُختلط ببصيص النور المُنبعث من الباب النصف مفتوح، فرأته ببذلته السوداء الأنيقة ووجهه ذات التجاعيد المُحببة إليها وعينيه الواسعتين ذات الأهداب الطويلة ..
وكأن الحياة دبت داخلها من جديد واستعاد قلبها خفقانه وزحف الخجل على وجنتيها قبل أن تعتدل جالسة وتمسح براحتيها دمعاتها المُنهمرة وهى تقول بأسى :
_ أنا آسفة يامصطفى ..
لكن بعكس ما أرادات .. لم تتوقف دمعاتها بل ازداد انهمارها وفشلت في السيطرة عليها وكبح جماح نفسها، إلى أن مد هو ذراعيه إليها ولامس وجهها بأصابعه ماسحًا دمعاته بإبهاميه وهو يقول بصوته الدافئ :
_ مُمكن متعيطيش ..
ضمت حاجبيها بوهن مُجيبة وهى تُجاهد نفسها :
_ حاضر ..
وبالفعل توقفت عن البكاء تدريجيًا، بل وبدأت النار تتقد في وجنتيها من جراء تأمله لها بعد ان جلس بجوارها وهو يقول بوَلّه :
_ يابختي ..
نظرت إليه بتساؤل دون أن تنطق فأكمل هو :
_ بصراحة أنا كُنت ناوي مخليش دمعة واحدة تنزل منك في يوم .. بس بصراحة أنا طلعت غبي أوى ..إزاى كُنت هحرم نفسى من الجمال ده كُله ..
ابتسمت هي رغمًا عنها قائلة بحسره وهى تومأ برأسها إلى الأسفل باستسلام بعد أن أزاحت جسدها للوراء للابتعاد عنه قدر الإمكان :