أفاقت شمس على تلك الكلمات تخرج من فم المأذون إليها وهو يتساءل بمهنية :
_ موافقة ياعروسة يبقى مصطفى زوج ليكي ؟
رغمًا عنها ودون أن تُفكر رفعت رأسها الى حيثُ يقف أسامة وكأنها تطلب إذنه لفعل ذلك، إلا إنها لم تجده فبحثت عنه في الأرجاء من حولها كالغريق الذى يبحث عن طوق نجاته، فلم تجد له أثرًا هو ورفيقته واصطدمت
نظراتها بباب المنزل المفتوح على مصراعيه .. فعلِمت بمغادرتهما ..
شعرت بانقباضة قلبها من مُجرد فكرة رحيله، وكأن ذلك هو اللقاء الأخير وأنها لن تنعم برؤياه بعد ذلك ابدًا ..
” يلا ياشمس يابنتي ”
جاءت تلك الكلمات من الأب الجالس إلى جوارها يستحثها على الإجابة، فنظرت نظرة طويلة إلى مصطفى والذى وجدته يبتسم لها مُشجعًا في انتظار إجابتها التي لم تتأخر لأكثر من ذلك، فخرجت كلمتها ضعيفة واهنة شبه هامسة وهى تقول :
_ موافقة ..
اتسعت ابتسامة ذلك الأخير بعد سماعه إجابتها التي اعتقد للوهلة الأولى أن الخجل هو من كَللها فامتدت يده في الحال لُمقابلة يد محمود أسفل الغطاء الحريري لعقد القران، ومالبث أن قال المأذون موجًا كلماته لأبيها :
_ قول ورايا ياأستاذ محمود .. زوجتك ابنتي ..
ردد محمود من ورائه بهدوء ووقار :
_ زوجتُك ..
لكن قبل أن يلفظ كلمته التالية قاطعهم صوت ساخر أتى من ورائهم قائلًا بسماجته المُعتادة :
_ مش كان واجب تبلغني بردو ياحمايا ..
توجهت أنظار الحضور جميعًا إلى المُتحدث والذى ظهرت ابتسامته اللزجة أعلى وجهه وهو يقترب من العروس مُتصنع العتاب قائلًا :
_ بقى ينفع بردو أعرف من الغريب إن أُم بنتي فرحها النهاردة !
وكأن جبال من الثلوج قد سقطت فوق رؤوس الجميع، فلم يستطع أحدًا النطق لبضع لحظات من فرط الذهول الذى أفاقت منه مجيدة سريعًا لتقول بكلمات غاضبة هجومية :