لقد انطفأ جمالها من قبل بداخل تلك الملابس الباهتة البسيطة التي لم تليق بها يومًا، فجمالها وعذوبتها ورقتها لا تليق إلا بملكة، ببشرتها الناعمة البيضاء الصافية وأعينها اللامعة العسلية وأهدابها الطويلة الكثيفة، وشفاهها الرقيقة الوردية، وقوامها الملفوف بدقة والمُتناسق مع طولها، وأصابعها الطويلة البيضاء ذات الأظافر المُنمقة ..
كُل ذلك لا يُلائمه إلا الأثواب الحريرية الناعمة والمجوهرات الماسية التي تُبرِز جمالها الخفي، فحتى بطلات أقلامه الذى تفنن في وصف حُسنهن ورقتهن لا يستطيع مُقارنتهُن بها، هي وحدها تستحوذ على تلك المنطقة التي
لا تجرؤ إحداهُن على منافستها فيها، هي وحدها بداخل قلبه ..
لم يغتر بوسامته وهو يرى صورته المُنعكسة داخل أعين المدعوات وهُن ينظرن إليه في عبادة صامتة، بل تعلقت عيناه بها كالمأخوذ وهو يراها تقترب منه مُتأبطة ذراع أبيها، لا يستطع الحراك وهو يراها تُشع نورًا كالملائكة بفعل انعكاس وميض اللآلئ عليها، بل اللآلئ هي من ازدادت توهُجًا وبريقًا عندما لامس جسد شمسه واختلط بنور وجهها الوضّاء ….
في النهاية تمالك نفسه وتقدم نحوها صامتًا ومد ذراعه إليها ليلتقط يدها من والدها الذي سلمها له عن طيب خاطر، فألتقط أصابعها بأطراف أنامله قبل أن يُقربها إلى فمه ويلثمها برقة وكأنه يخشى أن يُقربها إليه فيُفسد جمالها، تعالت أصوات الزغاريد من حوله إلا أن صوت ضربات قلبه داخل صدره كانت أكثر قوة وعُلوًا من أي صوت آخر من حوله ..
اضطر مصطفى في النهاية للخروج من تلك الحالة التى شملته ليُجيب على والد العروس الذى قال له مُهنئًا :