فقليلاً مِنهُن من ترنو إلي بأعينها بكثير من الإشفاق والرثاء، وكأنني قد بُترت ساقى أو إحدى ذراعيّ، بينما أُخروات يتفحصنني بلا استحياء من رأسي حتى أخمص قدمي باحثات عن النقص الجسدي والشكلي في هيئتي والذى أدى بي إلى تلك العِلة من منظورهم المحدود ..
أما من يعرفنني مِنهُن حق المعرفة وعايشن ما عانيته بل وشجعنني على اتخاذ تلك الخطوة ذات يوم، فلقد ابتعدن عنى بصورة ملحوظة مُتعمدة سواء كُن من صديقاتي المُقربات أو قريباتي الاتى تجمعني بهن صلة دم، خوفًا على أزواجِهن من تواجدي داخل حيز اجتماعاتهن، أو لربما كان ذلك بتحريض من الأزواج نفسهم لزوجاتهن حتى لا يحتذين حذوي ويتمردن على واقعهُن ..
فأولئك الأزواج أو الرجال بشكل عام لي عنهم حديث ليس بالقليل لا ينضب ولا ينته لكنى أكتف باختصار أفعالهم في قولي .. (( لقد اعتقدوا أنى لُقمة سائغة بلا أي غطاء يحميها يستطيعون تذوقها في أي وقت متى يشاؤون )) ..
لكن ولم الاختصار على أية حال !
فتلك النوعية من الذكور لا يحل لهم سوى تعرية قذارتهم المُخبأة بين طيات المُجتمع، وأنا التي حسبت ذات يوم أن نصيبي أوقعني في أكثرهم بشاعة، لكن ومع انخراطي في العمل تبين لي الوجه الآخر لكل رجل تَصّنَع الوقار والأدب ذات يوم ..
فها هم يتفحصوني بأعين ذئاب لاهثة اعتقدت للحظة أنها قد فازت بفريستها المُنتظرة، فتخللت كِلماتهم إيحاءات غير مُلائمة مُتعمدة مزجوها بعباراتهم وكأنها قد خرجت سهوًا من بين شفاههم فيتبعها على الفور قولهم