لم تُجبه بل اكتفت بالإطراق برأسها هربًا من إجابة سؤاله الذى لم تتيقن من إجابته بعد، فهي لازالت مُتخبطة مُترددة في شعورها نحو مصطفى وفى حيرة أيضًا من نواياه نحوها .
أغاظه صمتها فأعاد عليها السؤال من جديد قائلًا بتصميم تلك المرة :
_ جاوبيني .. في حد تانى في حياتك ؟
أنقذها صوت أبيها من ورائها قائلًا بترحاب :
_ سلامو عليكو .. أزيك ياأسامة ياابنى ..
أرخى أسامة جفنيه عنها قبل أن يهب واقفًا احترامًا لخاله قائلًا بأدب :
_ الحمد لله ازيك أنت ياخالى .. بتأسف إني جيت من غير معاد ..
إلا أن محمود طمأنه قائلًا وهو يجلس بجواره :
_ متقولش كدة ياابنى البيت بيتك تيجي في أي وقت .. إحنا يعنى هنروح فين ..
في تلك اللحظة اُتيحت لها الفُرصة للفرار فقالت دون تفكير :
_ عن إذنكوا هعملكوا حاجة تشربوها ..
حاول أسامة قدر استطاعته ضبط أعصابه مُدركًا السبب وراء فرارها، إلا إنه كظم غيظه حتى لا يلفت انتباه خاله، فاندمج ففي حديث طويل معه ولهى قليلًا مع تلك الصغيرة التي انضمت إليهم بهم بعد بضع دقائق، بينما
والدتها اختفت نهائيًا عن الأنظار تاركة أمر المشروبات إلى الجدة التي أعدتها ثُم جلست بصُحبتهم ..
برغم تعمدها الهروب منه ومن سؤاله ذلك والاختفاء داخل حُجرتها لحين مُغادرته إلا أن ما شغل وقتها حقًا هو مُحادثتها مع مصطفى والتي دامت لأكثر من ساعة كاملة، استطاعت هي التركيز فيها عقب انضمام إبنتها إلى الجمع بالخارج ..
في الحقيقة هي لم تتذكر فيما تحدثا أو كيف مرت الستون دقيقة بتلك السُرعة دون أن تشعر هي بالوقت، فكُل تفكيرها كان مُنصب على نبرته الجذابة الرخيمة تلك، فهو يَصّلُح كمذيع في الراديو بصوته الجهوري تارة الواضح في مداخل الكلمات ومخارجها، والدافئ تارة أُخرى حيث يصل اليها هامسًا مُشبع بالحنان فيلتقطه قلبها مباشرةً دون كُلفة بكثير من اللهفة والارتياح ..
إلا إنها رغم ذلك تتذكر حديثها لبعض الدقائق عن ظروف زواجها ومُلابسات طلاقها وعن إبنتها التي تُمثل لها الحياة بأكملها، أما ما علمته منه إنه مُطلق منذُ أكثر من تسع سنوات كاملة، وزوجته كانت من جنسية أُخرى