صوته الدافئ يصدح في الأرجاء من خلال مُكبرات الصوت فهدأ الجميع وجلسوا من جديد ..
شعرت بالأُلفة فى نبرات صوته العميق الدافئ وكأنها سمعته من قبل أو لرُبما نبرات ذلك الوسيم لازالت مُتعلقة برأسها ! ، حتى عندما نجحت فى رؤيته أخيرًا لم تستطع تحديد ملامحه بسبب بُعد المسافة بينهما إلا أن
ذلك الهاجس داخلها بدأ في التكاثُر مُشككًا …
ازداد سطوع ضوء القاعة فور أن أُضيئت تلك الشاشة من ورائه لتظهر صورته بأضعاف حجمها الحقيقي بطريقة مُكَبَرة فاستطاعت رؤية تفاصيل وجهه بوضوح ..
توقف قلبها عن أداء عمله لعدة ثوان تسمرت فيها عيناها عليه بغير وعى وكأنها بداخل حُلم لم تستطع تصديقه، هل بالفعل كانت تجلس برفقته مُنذ عدة دقائق، بل وغادرته راكضة إلى الداخل ؟
هل كانت تتحدث إليه ويتحدث إليها ؟ هل جثت الفُرصة أسفل قدميها وهى لم تفطن إليها بل وأضاعتها بحديثها الساذج عنه في حضوره ؟
استمر ذلك الصراع بداخلها حتى أنها لم تعِ كلماته الأولى التي تفوه بها، فقط كانت تتأمله بذهول كالمسحورة، نظراتُها يملأها الإعجاب المُختلط بالدهشة فهو بعكس ما تخيلته ..
كانت تعلم مُسبقًا أنه قد تجاوز مُنتصف الأربعين من عُمره، فرسمت له صورة وقورة مَهيبة بداخل مخيلتها، فتصورته يُشبه والدها لِما لمسته من عطف ودفئ في كِتاباته، دائمًا ما كان يجول بخاطرها مرسومًا على شفتيه ابتسامة حنون وكأنه مبعوث لإسعاد البشرية، كَون عقلها صورة له تحمل الكثير من ملامح أبيها الذى غزا الشيب رأسه الأصلع فأصبح كأجنحة الملاك، رأته بخيالها ذات أنف كبير أفطس وشِفاه مُمتلئة ووجه أبيض مُستدير ..
لكن الذى يظهر أمامها الآن ما هو إلا نجم من نجوم هوليوود، عندما التقته بالخارج لم تُعطِه أكثر من ثمان وثلاثون سنة لولا تلك الشُعيرات البيضاء التي أجبرتها على الاعتقاد بإنه لرُبما تخطى الأربعين، وبأناقته الملحوظة ورائحة عِطره النفاذة التي غمرتها ظنته بسذاجتها إحدى رِجال الأعمال الذين تمتلئ بهم قصص الروايات التي تقرؤها ولثوان ظنت نفسها تلك البطلة الحمقاء التي ستفتعل معه مُشاجرة ..
تُرى هل كان يصف نفسه بداخل رواياته ! فهو في وسامة جميع أبطاله، ولا يقل جاذبية عن دنجوانات السينما، الآن تستطع الحملقة به دونما خجل أو استحياء لتكتمل صورته داخلها على أكمل وجه، فهو صاحب وجه