_ تاني !! أقصد تالت !!
ثُم أضافت بكلمات يملؤها الشماتة :
_ هي مراتك التانية مجبتش لأهلك الولد ولا إيه …
أجابها بحدة ناهرًا :
_ خليكي في حالك أحسن …
وبلهجة آمرة لاتقبل النِقاش قال :
_ بكرة هاجى آخذ البنت من أول النهار …
ظهر على ملامحها الضيق وهى تنظر إلى ابنتها بخوف قائلة بلا حول لها ولاقوة :
_ بس ترجعها قبل النهار ما يخلص ..
لكن ذلك الضعف سُرعان ما تحول إلى شراسة قِط على استعداد للفتك بمن يقترب من صغاره، فقالت مُحذرة :
_ على الله تغصبها على حاجة هي مش عاوزاها، المرادي مش هسكتلك .. وأنت عارف أنا ممكن أعمل إيه ..
لم تنتظر إجابته بل أغلقت الهاتف وألقته أعلى الفِراش، قبل أن تجلس بجوار ابنتها الغافية وتتأمل ملامحها البريئة الهادئة مُشفقة عليها من أنانية أبيها الذى لم يرحم صِغر سنها عندما كانت في الرابعة من عُمرها وأمرها بمُناداة زوجته الثانية بلقب (ماما) رغمًا عنها ..
ذلك ما علمته منها عندما أتت إليها مُنهارة من البُكاء فاحتضنتها بقوة ولم تُفارق الصغيرة أحضانها لمُدة ثلاثة أيام كاملة، تصحو فيهم الابنة ليلاً فزعة باحثة عنها حتى تجدها بجوارها فتنكمش بداخلها كالجنين حتى تشعر بالآمان وتغفو مرة اخرى ..
لقد عانت كثيرًا مع ابنتها في تلك الفترة حتى استطاعت إعادة إحساس الأمان لديها من جديد، مؤكدة لها أنها لن تبتعد عنها مهما حدث، وهذا من أهم أسباب رفضها الزواج طوال تلك السنوات، فهي لن تُجبرها كما فعل
أبيها على إطلاق لفظ (بابا) على شخص جديد يدخل حياتها عِنوة، فالصغيرة لن تحتمل صدمات اُخرى ..
في تلك اللحظة تحول مسار تفكيرها، كالقطار الذى يتغير اتجاه القُضبان من أسفله فيسير في تفريعة جديدة تقوده إلى مُبتغاه، وهُنا أنار عقلها مُتسائلًا :