بمُعاناة الصغيرة إلا إنها كُلما جلست للعب معها سُرعان ما تمل من ألعاب الصِغار، فتتركها وحدها من جديد وتُمسك هاتفها مُتجاهلة تبرمها وضيقها ..
هي بالفعل تُلقى بمعُظم ثِقل عبئ ابنتها على والديها اللذان يهتمان بكُل متعلقاتها حتى دراستها وكأنها ابنتهم، بعكس والد الصغيرة الذى لا يُبالى بها من الأساس ولايسعى لرؤيتها إلا نصف ساعة لا أكثر في الأعياد والمُناسبات الرسمية، متناسي ثورته وأفعال عائلته الدنيئة عِند تأخرها عن الإنجاب ..
راودتها تلك الذكرى البائسة بعد أن وضعت ابتتها بهدوء أعلى الفِراش ودثرتها جيدًا ثُم توجهت إلى مرآتها لتخلع حِجابها ..
لقد عاشت معه عامين كاملين من جحيم لايُطاق أذاقها فيهم والدته وإخوته مرار الدُنيا بسبب تأخر حملها، وهو كعادته لم يُكلف نفسه عناء الدفاع عنها ولو لمرة واحدة، حتى بدأت بالظن أن به عِلة يُخفيها ويخجل بمصارحتهم بها، فأعجبه إلقاء اللوم عليها ..
وبالرغم من عِلمهم بعدم تواجد ما يمنعها من الإنجاب بُناءًا على تقارير وتحاليل طبية قامت بها إلا إنهم رغم ذلك لم يدخروا جُهدًا لإذلالها وكأنهم وجدوا ضالتهم أخيرًا، فلم يتركوا مُناسبة صغيرة كانت أو كبيرة دون توجيه كلماتهم اللاذعة إليها مُطلقين عليها وصف “معيوبة”، لكن رحمة الله كانت واسعة فلم يشأ لها الهوان لأكثر من ذلك، وأنعم عليها بكرمه وعلمت بأمر حملها في بداية السنة الثالثة من زواجها بفضل دعوات والديها ليلًا
ونهارًا ..
لم تتوقع شمس تغير معاملة عائلته لها أو حتى إظهار بعض الفرح من أجلها، وهذا ما حدث بالفعل فلم تُبالى، إلا أن ما أثارها حقًا وكدر عليها غبطتها هو موقف زوجها والذى شعرت بزيف سعادته وتصنعها، فلم تكُن أبدًا فرحة شخص يتلهف للإنجاب طوال عامين كاملين ..
زفرت شمس بعُمق بعدما عادت أدراجها إلى إبنتها الغافية تُداعب شُعيراتها الناعمة مُتذكرة عدد المرات التي كانت ستفقدها فيها خلال حملها، إلا أن الصغيرة حملت عِناد اُمها وأبت إلا وأن تأتى إلى الدُنيا لتكون سند وعوض
والدتها في هذه الدُنيا، وكأنها كانت تشعر بحاجتها إليها كي تُعينها على جفاء أبيها وقسوة عائلته …
في تلك اللحظة فلتت عَبرة ساخنة من إحدى عينيي الأُم مُتخيلة حياتها دون ابنتها …
تُرى ماذا كان سيحدث إذا فقدتها في إحدى تلك المرات !! هل كانت ستُكمل زواجها من ماجد !