نداءها باسمه: ساجد!
نهض من موضعه، سائرا في اتجاهها، حتى توقف قبالتها، مشيرا للهاتف، تطلعت نحوه غير مصدقة، لقد استجاب أخيرا، تطلعت نحوه في عدم تصديق، ثم شهقت في فرحة، ما جعلها تجذبه نحوها، تضمه في سعادة غامرة، هاتفة ودموعها تغرق وجنتيها: أنت عايز الأغنية! حاضر من عنايا، دي أحلى مكافأة، لأجمل ساجد.
أمسكت بكفه، ليدخلا الغرفة من جديد، فتحت الأغنية، ورفعت صوتها لآخر درجة يسمح بها الهاتف، ليبدأ ساجد في القفز فرحا على الأنغام، لتشاركه القفز والرقص في سعادة منقطعة النظير، فها هي أخيرا، قد جذبت ساجد خطوة خارج عتبة عالمه المتوحد، نحو عالم البراح، غير مدركة وهي تتقافز اللحظة في نشوة، أن أعين باسمة تتطلع نحوهما، من خلال ذاك الزجاج الموجود بأحد جوانب الغرفة، والمصنع خصيصا للاطمئنان على ساجد، أثناء
بقاءه وحيدا، تنبه أيوب أنه أطال النظر لمهرجان البهجة المقام بالداخل، مندمجا بلا وعي مع حيوية هذه المرأة، التي بدأت من حيث انتهت الأخريات، واحتلت جزء لا بأس به من تفكيره، جعله يحاول التقهقر قليلا للوراء، متحاشيا أريحية التعامل معها، متجنبا تواجدهما سويا خلال الفترة السابقة، طائرا من بلد لبلد، متنقلا من رحلة لرحلة، محاولا الابتعاد قدر إمكانه، لكنه وللعجيب، كانت معه بكل أسفاره، تقفز لذهنه إحدى دعاباتها، فتقفز لشفتيه
ابتسامة مجهولة المصدر، يحاول مداراتها في جهد، وهو بين جمع من الناس، حتى لا يظنه البعض مخبولا، كانت ذكراها أشبه بزجاجة عطر، يفوح شذاها بالبال، دون حتى العبث بغطاء القنينة، يكاد يجزم، أنها قد تخرج له ذات مرة، من حقيبة سفره، إذا ما فتحها، في نوبة شوق إلى روحها المرحة، التي باتت محببة إلى نفسه، بشكل لم يعهده مع امرأة سواها، وهذا كان مربط الفرس، وسبب البعاد، ودافع الانسحاب..