أصبح السعال هو سيد الموقف .. أخذت تسعل في شدة، فاندفع يقدم لها كأس من الماء، أحضره لها سريعا،
تناولته مرتشفة رشفة كبيرة، وأخيرا أبعدت الكوب عن شفتيها متنهدة في راحة، لحظة صمت مرت، قبل أن تقطعها وهى تنظر إليه في عتب هاتفة، بصوت متحشرج من أثر السعال: شكل نهايتي هتكون على إيدك.
ثم ضمت باطن كفيها لبعضهما، تضعهما أسفل ذقنها في توسل كما يفعل البواب الهندي، هاتفة: بالله عليك، متظهرش كده فجأة زي العفاريت، فيه حاجة بنسميها استئذان، كلمات بسيطة خالص والله، مساء الخير، سلام عليكم، العواف.
تلقى توبيخها في هدوء قاتل، وهو يتطلع لتلك الندبة العجيبة، بالجانب الأيمن من رأسها، بالقرب من منبت شعرها،
والتي لاحظها لتوه، بسبب انحسار غطاء رأسها للوراء قليلاً، وأخيرا همس بلا مبالاة: أنا مش هستأذن في بيتي، أنتِ اللي ملتزمتيش بمواعيد الخروج من أوضتك، زي ما اتفقنا، يعني دي مشكلتك أنتِ.
هتفت معارضة: أنت اتأخرت عن الميعاد اللي قاله عم سعدون، وده تعارض مع نداء معدتي، أقصد .. حسيت إني جعانة، وافتكرت أنك مش جاي النهاردة، زي ما حصل قبل كده، ورحلتك اتأخرت، ومرجعتش إلا تاني يوم.
أكد ساخرا: ومن أمتى مش بتحسي بالجوع! ده أنا لو حطيت مواعيد خروجي من أوضتي، طبقا لعدد مرات
شعورك بالجوع، ده معناه إني مش هخرج من أوضتي أبدا.
قهقهت على غير المتوقع، فقد أعتقد أنها ستشعر بالضيق لملاحظته تلك، ولكن على العكس، باتت منشرحة لا ينشغل لها بال، وهي تهتف مؤكدة: معلش، أصل كنت براجع تقارير الزملاء في حالة ساجد، وبقرا بعض المراجع