أحد الكراسي الجلدية الوثيرة، في ذاك الركن القصي عن المكتب، مسترخيا بشكل جديد عليها، يفرد ذراعيه باتساعهما على ذراعي المقعد، يدخن غليونه، الذي عبق الأجواء برائحة تغبه الثمينة والمميزة، يمدد رجليه، واحدة فوق الأخرى، مريحا قدميه فوق مقعد وثير منخفض من الهواء المضغوط.
همت بالرحيل، إلا أنها انتفضت فجأة ما أن علا صوت صرخات مع الموسيقي، ما جعلها تضع كفها على صدرها مستعيذة بصوت عالِ، أمسك ضحكاته على أفعالها، لتهتف ما أن استعادت رباطة جأشها: هو حضرتك بتحب الصريخ ده!
تطلع أيوب نحوها، وهو يخرج غليونه من فمه هاتفا في صدمة: صريخ! دي أوبرا!
أكدت مازحة: ايوه عارفة إنها أوبرا، بس عبارة عن صريخ وصويت، ويا ريت حتى حد عارف هي بتصوت على إيه، أهو نروح ناخد بخاطرها.
تطلع إليها كالمصعوق : تاخدي بخاطرها! ده فن راقي.
تطلعت سلمى نحوه، هاتفة في نبرة مشككة: يمكن، بس أنا أول ما بسمعها مش بيجي فبالي إلا مشهد واحد بس.
تطلع نحوها مستفسرا في فضول : مشهد إيه!
أمسكت طرفي غطاء رأسها، وجذبت كل منهما في اتجاه معاكس في نفس التوقيت، كأنها تخنق نفسها به، هاتفة تولول: مكنش يومك ياخويا، يا شندلتي أنا والعيال من بعدك يا سبعي.
ساد الصمت، ليمسح على وجهه، مؤكدا لها في هدوء حذر: بصي، حفاظا على حياتك، أوعي، هااا أوعي.. تعرضي