اخجلتها رقة الشيخ، وتطلعت لأيوب الذي كان يقف في صمت، وقسمات وجه محايدة، لا تحمل أي تعبيرات يمكن قرأتها، لمعرفة انطباعاته عن اللقاء، الذي حاولت فيه على قدر استطاعتها، التحلي بروح العقل والرزانة، وتعجبت، كيف يكون هذا الرجل الصارم، ربيب الجدية، وريث الصرامة، ابن هذا الشيخ البشوش، حلو اللسان، طيب المعشر! .. وتساءلت داخليا.. هل هي جينات برلنتي هانم وشيرين باشا، والتي سيطرت بشكل كامل على صفات عاقد
الحاجبين ذاك، والذي يقف كالصنم، لا حرف نطق ولا حركة أصدر! .. كادت أن تضحك على هذا الخاطر، الذي قفز لمخيلتها وهي تراه بعين خيالها، شاي بشارب مبروم، يمسك المنشة، ويلبس الطربوش الأحمر، في صورة تجمعه مع العائلة الكريمة، التي شربت برميلين من النشا قبل أخذ الصورة الوقورة، أمسكت ضحكاتها بالكاد، لكن الابتسامة ارتسمت على قسماتها رغما عنها، انتبهت من خواطرها، ما أن هتف الشيخ مستجديا: خليكِ وياي يا سلامات، بظن ما حان وقت عملك مع ساجد!
همت سلمى بالرد، إلا أن أيوب نفض أخيرا عباءة صمته، هاتفا في تأكيد: ما بيصير يا شيخ! هاد وقت قيلولتك، وهي لها عملها، راح تبدأه هالحين مع ساجد.
هز الشيخ رأسه موافقا، رغم عدم اقتناعه، ليستطرد أيوب مهادنا: بتخلص وتنضم لك، إذا كان هاد يناسبها!
أكدت سلمى باسمة: طبعا يناسبها، عنينا لعم الحج.
قهقه الشيخ من جديد في سعادة لكلماتها التي تلقيها بأريحية محببة لنفسه، ليستأذنه أيوب مغادرا بصحبة سلمى، التي تبعته حتى مكتبه، منتظرة منه أي أمر جديد، قبل المغادرة لتنضم لساجد، وتبدأ جولة ترويضها لمرضه.