روائعها، والذي يأتيه اللحظة مع تنهيدة شوق:
أهرب من قلبي أروح على فين! ليالينا الحلوة فكل مكان..
طرق الباب في تأدب، منتظرا الإذن بالدخول، وحين لم يحصل على جواب، أصابه القلق، ففتح الباب في بطء حذر،
دافعا رأسه متطلعا للداخل في استطلاع، ليطرق الباب من جديد، مع ابتسامة وقورة حلت على محياه، ما أن وعى ذاك العجوز، الذي كان جالسا على كرسيه المدولب، شاردا في كلمات الأغنية، مدركا صوت الطرق أخيرا، مُرحبا بالقادم في حفاوة: أيوب! يا هلا بالغالي، تعال.
تحرك أيوب صوب والده، وانحنى مقبلا ظاهر كفه التي مدها الوالد للتحية، ليستطرد الوالد في وحشة: طولت الغيبة هالمرة!
ابتسم أيوب مؤكدا: تلات أيام ما هي غيبة!
همس الوالد: تلات أيام! ظنتها أكتر والله!
ربت أيوب على ظاهر كف والده، متسائلا في مودة: كيف الحال!
ابتسم الوالد هازا رأسه في لا مبالاة ولم يعقب، وكأنما يخبره أنه ما من جديد هناك، وأخيرا ربت على كتف أيوب في مودة، مشيرا لساعة الحائط، أمرا: قوم يا ولدي، جهز نفسك قبل ميعاد الغدا، قوم.