حلت التاسعة مساء، فاستأذن العروسان للرحيل، وكذا طلب الشيخ من أيوب اصطحابه لحجرتهما المشتركة، ظل جواره لبعض الوقت، لم يبق إلاها، بعد أن نام ساجد بالفعل، منذ ما يقارب الساعة..
كانت تنهي بعض أعمال المطبخ، يصلها صوت تتابع الأمواج بالخارج فيشعرها بسكينة عجيبة تدب في أوصالها،
لكن صوته الرخيم الذي أتاها اللحظة، من غرفة الوالد وهو يقرأ له بعض الشعر قبل الخلود للنوم، ذاك كان الأنس الحقيقي، الذي يزيل الوحشة، ويبدد عتمة الوحدة، ويخلق في النفس ألف تساؤل، كان أهمهم، والأكثر إلحاحا، هو .. هل العفو حاضر دوما بين الأحبة! أم أن بعض الذنوب لا تغتفر! لا تمحوها توبة، ولا يزيلها من سجل المعاصي أي رجاء!
دمعت عيناها، وصوته يجلدها بسوط من مخمل، وهو يقرأ إحدى القصائد:
جـاءت إلـيَّ مــن السـمـاءِ مليـكـة، هيَ باختصـار هـيَ الأُنوثـةُ أجمـعُ..
وتقولُ ليْ يـا عقـلُ تُشبـهُ غيرهـا، بــل بينـهـا والـكـلُ فــرقٌ شـاسـعُ..
هـي آخـرُ العنقـودِ أحلـى مــا بــهِ، أُنـظـر إليـهـا فـــوقَ مـــا نـتـوقـعُ..
بـحـنــانِ عيـنـيـهـا دواءُ كـآبـتــي، وبحـضـنِ كفيّـهـا صغـيـراً أرجــعُ..
ما عادت تحتمل، تركت ما كان بيدها، واندفعت للخارج، فإذا بها تجد سعدون ونفيسة بالركن القصي من الحديقة،