مستديرا صوب الشيخ، الذي استطرد: سألتني أقصد حاجة معينة، إي بقصد! سلامات خسارة تروح .. راح ترحل بنهاية هاد الشهر، وأنت وقرارك.
لم يعقب أيوب بحرف، خرج مغلقا باب الحجرة خلفه، متوجها صوب حجرة مكتبه بأسرع إمكانية سمحت بها إصابة ساقه، حتى إذا ما وصل عتباته، دخل إليه زافرا في راحة، كأنما وصل حصن أمانه، يجول بناظريه بأركانه
التي ظن في محنته أنه لن يبصرها مجددا، جلس على مقعده الجلدي الأثير، متطلعا للفراغ باسما، فما من إنسان يدرك، أن على قدر اشتياقه للجميع، وهو هناك بين براثن الموت، لم يشتق لمخلوق، مثل شوقه لمرأى وجهها الصبوح ولو لمرة، وأن يكن آخر ما يبصره بالكون، قبل أن يرحل، هو ابتسامتها.. أدرك أن الآلفة لها طعم الشهد، وأن
صحبة امرأة بروح وضاءة تنير له عتمة روحه، لهو كل ما يرغبه امرؤ مثله، ذاق المرارات كلها، وقد لاح له فجر وليد بأفق حياته، فهل من المفترض أن يشرع نوافذ قلبه لأنواره، أم يسدل الستائر دونه كأحمق!
******************