وأيش بعد يا بعد عمري! أما يكفيك كل هاد العمر الضايع! متى بيرتاح قلبك يا ولدي!
اضطرب أيوب، وهمس محاولا غلق باب الحديث: لما ربنا يئذن يا شيخ، كله بأمره.
همس الشيخ: ونعم بالله، وأمر الهوى، وقلبك العاصي، أم أقول قلبك الجبان!
تململ أيوب ولم يعقب، فقد كان الشيخ يكشف ستر دواخله، مرة بعد مرة، وهو غير قادر على التخفي أو المراوغة
أمام منطق حديثه.
ليستطرد الشيخ متنهدا: يا ولدي، الضحكة صارت شحيحة، وصار صعب تخرج من القلب، فتمسك بمن يدفع البسمة لمبسمك، تنور الوجه وتبدل الحال، حتى ولو ما يقصد، ما بالك بمن سعادتك هدفه، وفرحتك عنده فرض، هاد لو وزنوه بكفة والدنيا كلها بكفة.. كفته أبد هي الراجحة.
ساد الصمت من جديد، وأيوب لا ينطق حرفا، حتى هتف أخيرا متسائلا: أنت قصدك حاجة معينة يا شيخ!
أكد الشيخ باسما، وهو يربت على كفه: قصدي كل الخير، وإن قلبك ليه حق عليك، شاور عقلك وإدي لقلبك فرصته، ولما يتفقوا، أقبل بالقسمة، عشان لو الفرصة ضاعت، عمرك ما هتعرف ترجعها تاني.. وهتفضل ندمان عليها طول عمرك .. اسالني أنا! ما في شيء أكثر وجع من الندم على حال عدى ما أمكنك تبديله، ولو دفعت لتغييره سنين
العمر اللي باقي كلها..
هز أيوب رأسه متفهما، ونهض في تثاقل، ليغادر الغرفة، تاركا والده لينال قسطا من الراحة، جذب الباب في سبيله للرحيل، ليستوقفه الشيخ: أيوب!
توقف