همس سعدون، وهو يتجه لخارج الغرفة: لو احتجتي حاجة، كلميني هطلع لك، ولو سؤال عن مواعيد أي دوا، هتلاقيها كلها فالمفكرة اللي جنبك دي، تمام!
هزت رأسها في تأكيد، ليرحل سعدون تاركا إياها وحيدة مع ذاك الذي اسهد القلب قبل العين ليالِ طويلة خلت،
واللحظة هي تبصره بخير يرقد قبالتها، فما كان منها إلا أن رفعت كفيها بشكل فطري، تشكر الله على استجابة دعواتها، لتنتفض موضعها، وصوت خافت عميق، يسألها مشاكسا: يا ترى مين المحظوظ اللي بتدعي له!
ساد الصمت لوهلة، وقد اضطربت ما أن تناهى لمسامعها صوته المتحشرج وهنا، لكنها استعادت روحها
المشاكسة سريعا، هاتفة بمرح: أو بدعي عليه!
هتف باسما: ربنا يحفظنا..
قهقهت فتنبه في سعادة لقسمات وجهها التي تتبدل بشكل مبهج، لكرنفال من الفرحة، عندما تبتسم، شعر أنه يرغب في الاعتدال قليلا رافعا جزعه، لكن ألم ذراعه، وثقل قدمه المصابة، جعلته عاجزا عن إنجاح المحاولة، تنبهت
رواية من يطرق باب القلب كاملة جميع الفصول
لذلك، فتقدمت في عجالة تساعده، فكان ذاك هو قربها الثاني بعد حادثة ركض هزاع، الذي أدرك به، وبما لا يدع مجالا للشك، مدى تأثير ذاك القرب على قلبه، الذي زادت خفقاته، وعلت نبضاته، هذا القلب الذي تناساه منذ زمن بعيد، بعد الكثير من الخيبات وتجرع علقم المرارات، معتقدا أنه قُبر وانتهى بلحد الصدر، حتى يأذن الله بالرحيل، ها قد دبت فيه الحياة، وكأنما بُعث من جديد.