مفعلة، وفاعلة، وما على العبد إلا الرضا والتسليم.
ربتت على رأس هزاع، الذي ظل يتمسح بها مفتقدا إياها، دمعت عيناها في محبة، هامسة له: تفتقد أيوب!
نبح هزاع عند سماعه الإسم، باحثا عنه بناظره، معتقدا أنه جاء من سفرته، لتهمس سلمى به: يا رب يرجع لنا
بالسلامة.
نبح هزاع من جديد، لتربت على رأسه مجددا ، قبل أن تغادر للداخل، تحركت بأرجل ثقيلة نحو حجرة المكتب، التي ما فُتح بابها منذ رحيله، انفرج الباب في هوادة، ومدت كفها صوب مفتاح تشغيل الإضاءة، ووقفت متسمرة على عتبة الباب، تتطلع بعين خيالها، لكل ركن زينه بمحياه، تبتسم حين تتذكر صوت الصرخات، التي كانت تصدر من
مغنية الأوبرا التي يعشق، وسخريتها من ذوقه العجيب، تتطلع للكتب على الأرفف، لابد أنها تفتقده كما يفتقده كل شيء في هذا المكان، الذي كانت تشعر بحدس داخلي، أنه ملاذه الآمن بعيدا عن العالم وكل ترهاته، يضع فيه كل ما يحب، ويحيط نفسه بكل ما يمكن أن يكون مصدرا لقدر حتى ولو بسيط من السعادة.
خطت داخل الغرفة في رهبة، وتوقفت قبالة مكتبه، وقعت عيناها على صندوق غليونه الخشبي، فتحته متطلعة
إليه في أعين دامعة، قبل أن تغلقه في حرص، متنبهة كيف يقدس حاجياته، ولا يسمح بالمساس بها، جلست للمكتب في تردد، وقفزت لذهنها، ذكرى تبادلهما أماكن الجلوس، يوم جلست لمكتبه تدون متطلباتها لعلاج ساجد، وهو أمامها يستمع في إنصات، لتضع له ورقة الحاجات أمامه كأنها طبيب كتب وصفة العلاج، ساعتها ارتفعت