تستطيع استعادة بعض توازنها المفتقد، لكن على ما يبدو بعض الأمور البسيطة التي تهبها لنا الحياة بلا ضمانات، نعتقد نحن بكل سذاجة، أنها أضحت ملكا لنا بالفعل، يمكننا استدعاءها بكل بساطة متى رغبنا، غير مدركين أنها قد تذهب بلا ضمانات كما أتت بلا ضمانات، وأن امتلاكنا لها ما هو إلا وهم كبير صنعه ذاتنا المتضخم بلا أي أمارة، إلا
كِبر بشري أحمق.
صعدت حجرتها، ليبادرها صوت هاتفها، الذي ارتفع رنينه على غير العادة، ما دفعها للركض صوبه، هاتفة في لهفة، وهي ترد على أخيها: ايوه يا صبحي، خير!
هتف بها صبحي في صوت مخنوق، زاد من اضطرابها: أنتِ فين من الصبح!
هتفت سلمى مفسرة: الموبيل كان فاصل شحن، كنت سيباه يشحن فالأوضة معلش.
هتف صبحي في تردد، وصوت متحشرج: بصي، أنا.. أنا مش عارف اجبهالك إزاي!
هتفت سلمى بنفاذ صبر: انطق يا صبحي، أنا مبقاش فيا أعصاب، إيه اللي حصل!
هتف صبحي دفعة واحدة: مجدي تعيشي أنتِ.
سقطت سلمى أرضا، تعتصر الهاتف بأصابعها قهرا، وهو ما يزال موضعه على أذنها، هاتفة في نبرة مصدومة: مات! مات إزاي!