كان الصمت من نصيبها، صمت متعجب، إنها المرة الأولى التي يتصل بها، ما الداعي يا ترى!
تنبه لفعلته، هاتفا بصوت محاولا اصلاح نبراته: أنا قلت اطمن عليكِ بعد اللي حصل فالبيسين، واطمن منك على ساجد، كان نايم لما رحت.
هتفت سلمى: ساجد بخير، وأنا…
باغتتها عطسة قوية، ساد الصمت بعدها، ليهتف أيوب مازحا: يرحمكم الله يابو سريع، في حد فالمغارة!
قهقهت بأريحية، فانتفض قلبه بين ضلوعه، هاتفا مستجمعا شتاته المبعثر: الظاهر داخل عليكِ برد، أنا هوصي سعدون يجيب لك دوا كويس.
هتفت سلمى محرجة: لا مفيش داعي، الموضوع بسيط، حاجة سخنة هشربها وهبقى زي الفل.
همس متسائلا: أنتِ رميتي حالك ورا ساجد فالمية بلا تفكير! وأنتِ مبتعرفيش تعومي!
صمتت ولم ترد، ما دفعه ليهمس في نبرة دافئة: عارف الإجابة من غير ما تجاوبي.
تطلع لساعة يده القيمة، مستطردا في حسرة: طب أنا مضطر أقفل دلوقت، خلي بالك على نفسك، قصدي انتبهي لساجد، سلام عليكم.
همست بالتحية وهي تنهي المكالمة، متطلعة للهاتف في تعجب، هل كان ذاك أيوب النورسي حقا!.. حاد ناظرها صوب عباءته الموضوعة جانبا، ثم عادت تتطلع للهاتف مجددا، واستشعرت أن شيء ما يحدث، شيء لا تعرف كنهه، ولا تذوقت مذاقه من قبل، ارتجف داخلها برهبة مجهولة المصدر، فضمت جسدها بذراعيها، تمنح نفسها قوة واهية، فلا رغبة أو طاقة لها في مواجهة نفسها، بحقائق لا قبل لها على تحمل عواقبها.
****************