تحركت سلمى في هوادة، ملابسها غارقة تماما بالماء، مدثرة بعباءته، ما أعطاها الفرصة لتسمع توبيخه لهيفاء، أمرا إياها بالرحيل فورا من داره، بعد خرقها لأوامره، في عدم التخلي عن الحشمة طالما هي داخل بيته، وتعيش تحت سقفه: أنا حذرتكِ، وأنتِ ما تسمعين، دقائق، فقط دقائق يا هيفا، وتكونين خارج الفيلا، فلا مكان لكِ هنا.
اندفعت هيفاء في حنق لداخل الفيلا، تعد نفسها للرحيل، بعد أن فشلت كل محاولاتها في جذب ذاك الذي كان يوما متيما بها.
دخلت سلمى حجرتها، ومنها للحمام، لتخرج بعد أن تخلصت من أثر البرودة بعظامها، لتقع عينيها على عباءته السوداء، ذات الحواف الذهبية، الموضوعة جانبا، لتشعر لأول مرة، منذ وفاة والدها، أن ذاك الأمان المفتقد، قد مس قلبها لمحة منه، حين أسدل أيوب عليها ستر عباءته، ليسري بقلبها لا بجسدها، ذاك الدفء القيم، دفء فيض من أمان.
***************
كررت دقها على هاتف أخيها، لعل وعسى تفلح هذه المرة في الوصول إليه، وقد يكون عنده الخبر اليقين فيما يخص غياب زوجها، مرة تلو الآخرى ولا مجيب، وعند المرة الثالثة، التي قررت فيها عدم الاستمرار في سماع صوت هذه الرسالة المستفزة، التي مفادها أن الهاتف قد يكون مغلقا، تلقت رنينا بدلا منها، لتنتفض في فرح، ما أن أجاب
صبحي أخيرا: إزيك يا صبحي! في إيه! رنيت كتير والموبايل مقفول!
هتف صبحي بصوت مرهق: معلش يا سلامات، كنت رامي الموبيل على جنب ومش مركز إنه فصل شحن، معلش، أصل الواد الصغير تعبان أوي.