– أنا بقيت بغير من ابن ال….
اللي كل ما يشوفگ يحضن ويبوس، ولا مراعي حرماني، طب انا زي ابوه اعتبريني هو واخد حضن واحد بس.
ضحكت عليه، وضربته في كفته، ادعى التأوه والألم، ثم همس بشفتيه حروف احبگ، تبسمت وسارت مع والدته التي رحبت بها بشده، وشاهدت الشقة التي نالت اعجابها، لكن حين ولجوا لغرفة النوم وشاهدتها ورمقت الفراش وكل ركن بها، صور عقلها الاف من الصور والتخيلات بينه وبين زوجته الراحلة، فنقبض قلبها ولم تحتمل، تغيرت ملامحها وخرجت مسرعة، تحت انظار وتعجب الجميع، اسرع تجاها وسألها متعجبًا:
– مالگ ياحبيبتي؟ في حاجة ضيقتگ؟
لم يجد رد من قبلها، الصمت كان سائد، فهي لم تستطع أن تقول انها تغار من ذكريات مضت، وهي في نفس موقفه لها ذكريات لا تموت بداخلها، فكيف تطلب منه أنها لن تسطع العيش في غرفة سبق وامراة اخرى تملكته، كتمت بداخلها احساسها بينما هو متحير لا يفهم ما يدور في جوفها، فسألها للمره الثانيه:
– غزالتي خليكِ واضحه وصريحه، اي حاجة جواكِ قوليها على طول، احنا مفروض نكون واحد، مش كده ولا اية؟
ابتلعت لعابها ورفعت بصرها نحوه، وقالت في تردد:
– اكيد طبعا، بس في حاجات مش بقدر اقولها، زي دلوقتي جوايا حاجات كتير ومش عارفه اصارحگ بيها.
– ابدأي من اي حته، وانا هستوعب وجهة نظرگ، ولو في استطاعتي انفذها مش هتأخر.
– أمانِ اسلوبگ ورقتگ دي بتحرجني اكتر، انت جميل كده ازاي؟
– جميل عشان بحبگ انتِ وبس، يالا قولي ومتخبيش عني حاجة بسرعه قبل ما الغزو يجيوا من جوه.
ضحكت، وشرحت له بهدوء احساسها وما يضايقها، كان مستمع بإنصات شديد متفهم لكل ما تتفوه به، وحين انتهت ضم اكتافها بيده واحتواءها بكلماته قائل:
– يقى هو ده اللي مضايق غزالتي، ولا يهمگ حبيبتي، من بكره هعرضها للبيع بالعفش كمان، ونشوف شقة تانية بس تكون متشطبه، مش عايز عطله أنا بقولگ اهو، اتفقنا؟
– اتفقنا طبعا، بس كان في موضوع عايزة اقولگ عليه.
سمع صوت والدته ومعها حفيدها و والدته قائلة لها:
– الشقة جميلة يا غزال، ومش هتحتاج توضيب كتير، يادوب وش نقاشة وخلاص.
سبقها في الرد “أمان” قائلا:
– لا خلاص يا طنط، أنا بقول هعرضها للبيع بالعفش واشوف شقة تانية أحسن واهو اغير عتبه جديدة زي ما بيقولوا.
ردت والدته بضيق واضح على تقسيمات وجهها:
– ليه كده يا بني خسارة، انت دافع فيها دم قلبگ في توضبها، وفرشها لسه بحاله.
طأطأت “غزال” رأسها من شدة احراجها انها السبب في هذا اللوم والعتاب، بعد أن اكدت والدة “غزال” رأيها، فحسم هو القول قائلا:
– ولا خسارة ولا حاجة يا ست الكل، العقار مش بيخسر اليومين دول، وما دام نيتي كويسه ربنا هيكرمني فيها، وبصراحه كده عايز اجيب حاجة اكبر، بكره هنتجوز وربنا يكرمنا بأطفال يكونوا اخوات فادي، هنتيمهم فين بقى؟ انا ببص لقدام، ولا اية رأيگ يا فوفا؟
– يعني يا بابي هتجبلي اوضة جديدة غير اوضتي دي؟
– اه ياحبيبي، الاوضة اللي تشاور عليها هجبهالگ؟
– خلاص ماشي بس ماما غزالة تختارها معايا، وتحطلي العاب كتير فيها.
– بس كده، انا عيوني لابني حبيبي، وكل اللي انت عايزة هنجيبه ياقلبي.
– خلاص ما دام انت شايف كده اللي يريحگ يا بني.
– انا هشوف حد بيفهم يتمنها بالعفش وربنا يكرم.
– شوف يا أمان المتر في المنطقة هنا بقى بكام من اي سمسار، وتمم انت العفش وضربهم كلهم مع بعض باكدچ واحد.
– بإذن الله حبيبتي.
اخذوا وقتهم ثم نهض ليقوم بإصالهم لمنزلها، الح عليه ابنه ان يذهب معه وبالفعل نزل معهم وجلس على ساقها طوال الطريق، تعجب “أمان” على تعلق ابنه لها بهذه الطريقة ؟! لكنه ادرگ للتو السبب حينما رآى حنانها الذي تغرقه به، بداخلها حنان يكفي الكون كله ويفيض، لذلگ سيلبي مطالبها مهما سيكلفه الأمر، فهي حقًا تستحق كل هذا وأكثر.
وحين وصلوا ودعته وصعدت هي و الدتها التي كانت ملتزمه الصمت منذ كانت في منزله، وعندما دخلت شقتها و وضعت حقيبتها بكل غضب على المقعد، هنا لم تتحمل السكوت وانفجرت مثل اسطوانة الغاز ليتصاعد لهيبها لأعلى ولا يستطيع احد اخماده قائلة بصياح وصوت مرتفع:
– اللي بتعمليه ده كتير اوي يا غزال، ولازم حد يوقفگ عند حدگ، لأن الافترى وحش؛ مش عشان الراجل بيحبگ تضغطي عليه بالشكل ده.
تعجبت من طريقة حديثها وهجومها الغير مبرر، اقتربت منها في ذهول متسائلة:
– أنا عملت ايه لكل ده يا ماما؟ وافترى اية اللي تقصديه؟
– مش انتي صاحبه اقتراح انه يبيع الشقة؟
– ايوه ودي فيها اية؟
– انتي لسه بتقولي فيها اية؟ فيها انه امه كانت هطق من جنابها، وعندها حق، لما ابنها يخسر شقى عمره في الشقه عشان خاطر جنابگ، في وقت الشقق نار ومش هيعرف يجيب غيرها.