لم تستطع تكمله باقي حروفها وصدمت حين تلقت صفعه قوية من قبل “فؤاد” على وجهها بكل ما أوتي من قوة، ولا يعلم اهو يصفعها هي ام يريد ان يصفع نفسه هو، لم يفق مما فعله و وجد صديقه يلكمه بقوة اوقعته ارضًا، وبدون دخول معه في تفاصيل قال بغضب:
– أنت اتجننت، هي حصلت تمد ايديك، تهزق مراتي؟
لم يبالي بما فعله صديقه وقام وهو يخرج هاتفه كالمكذوب الهائج؛ يفتح المحادثات بينه وبينها ويمر على كل طاولة من المدعويين ليشاهدوا بما فيها بنار وقهر رادفًا بانهيار:
– مش هي دي المحترمه، صاحبة الصون والعفاف، مش هي دي صورها، بص بص شوف كانت بتقولي ايه…؟ بص انت كمان شوف الرخيصه كانت بتعرض جسمها ليا ازاي، شوف القذرة اللي خلتني اخسر بيتى ومراتي وابني…. الوس.خه اللي خلتني اخسر اعز ما املك…
اقترب ووقف أمام أعين صديقه والدموع تنحدر على وجنتيه:
– بص يا صاحبي وشوف انت كنت هتتجوز مين..؟ بس انت حظگ حلو اني لحقتگ، لكن انا كنت ضحية من ضحياها وملقتش اللي ينجدني من براثين شيطانة مثلها.
امسكت “يارا” يد “فوزي” وهي تشجعه على طرده خارج المكان:
– طلع المجنون ده بره.
كان “فوزي” منصب تركيزه في كل صوره لها، وحديثها مع صديقه فعلا هي؛ كل قولها كانت تفعل وتقوله له نفس الحديث وتبعت له بنفس الصور، لف بجسده واصبحت أمامه رمقها بقرف واحتقار وصفعها عدة صفعات متتالية، وتركها وهو يود أن يدفن بسبب كل ما حدث من فضيحة، لم يعرف يلوم صديقه على هذه الفضيحة ام يشكره أنه انقذه بمكاره خادعه، مشى وهو محطم القلب.
حاولت “يارا” ان ترتدي لباس القوة وتبرر للجميع ما شاهدوه لكن لم احد يبالي لها، والجميع رحلوا وهم ينظرون لها بأحتقار، ركضت بفستان زفافها للشارع وهي تبكى على ما وصلت له، هاربة من نظرات وشماتة الجميع لها، كيف ستواجهه والديها بعد كل ما حدث؟ ظلت تركض وتركض دون سبيل ودموع الندم تغتسلها بحرقه، تتذكر كم ضحية اوقعتها في شباكها، ثم غدرت بهما بعد ان استفذت كل اموالهم، وحين عثرت على زوج مناسب وعزمت الزواج منه؛ جاء الماضي بكل وحشية وانهشها، بل مزقها اربًا… ظلت تائهه ولم تستمع لصفير عربة النقل الآتية عن بعد، وعندما استفاقت ونظرت لها، لمع اضاءة نور السياره داخل مقلتيها، وشعرت ان قدماها متسمره لم تستطع الحراگ، ولم تستطع السيارة تفاديها لسرعتها المفرطة، و واطاحتها بكل قوة على بعد مسافة بعيدة
ارضًا ملوثة بدماءها القذرة، وتحولت اجمل ليلة إلى كابوس ونهاية مؤسفه.
وكان فؤاد هو من تبقى بالقاعة يبكى بحرقه وندم، يود لو يعض الأرض من شدة ندمه… ادرگ كم خسارته متأخرًا، ضاع كل شيء كان يمتلكه وبين يديه، زوجة تتمنى له الرضا يرضى، وطفل صوت بكاءه وضحكاته تملئ قلبه بهجه… لقد خسر كل هذا وفوقه أغلى ما يملكه أي رجل.
ظل على حالته يبكي بانهيار، واخرج من جوفه صرخه عاليه اهتزت لها جدران ثنايا قلبه بألم لم يشعر به من قبل، استفاق على من يربت على كتفه بحنان، رفع بصره بعينان مشوشه الرؤية؛ وجدته والده قائلا:
– قوم يا قلب ابوك معايا، قوم وشد حيلك يابني، ادعي ربنا يصبرك في مصيبتگ وخسارتگ.
ساعده في النهوض ممسكًا بيده، كأنه يتعلم اولى خطواته، ارتمى في احضان والده وظل ينوح وصوت شهقاته تعلو، وما على “محمود” الا انه يربت عليه بحنان ويشاركة في حزنه.
فقد طمس واتمحت اي حروف ممكن ان تقال في هذا الموقف، وبقى الصمت والنزيف هو من ينزف بداخل القلوب.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
ومرت الشهور وكان فادي يترقب كل يوم مجيئ اخيه بفارغ الصبر، فقد كانت اسعد لحظاته حين يضع كفه الصغير على بطن غزالته عندما تشعر بتحرك وركلات الصغير في بطنها، كان يفرح بشدة ويقفز سعادة، ويتحدث معه كأنه يسمعه ويراه.
وكان “امان” نعمه السند لها في كل لحظات ألامها من الحمل، يهتم بأدق التفاصيل، من نظام غذائها الذي كان حريص على تناول كل ما هو مفيد لها، وزيارتها لطبيبة النسا للاطمئنان على الجنين.
وجاء موعد ولادة “غزال” التي صممت بأن يحضر معها امانها ويكون برفقتها، ظلت تعاني الام المخاض، وهو متشبث بكفيها الذي تضغط عليه مع كل صرخة تخرج من اعماقها، كانت تمزقه اربًا، حتى جاء اللحظة الحاسمه وخرج فيها روح نبض للحياة، ومع اولى صراخته تراقص فيها قلبهما سعادة بقدومه، اخدة بين يده وكبر في اذنيه، وضمه بشوق، وقدمه لها بين احضانها هاتفًا:
– حمدلله على سلامتگ يا غزالتي، شوفي شادي حلو ازاي؟
لم تصدق نفسها حين قرر تسميته بأسم ابنها، لكنها خشيت عليه أن يلاقي نفس المصير، رفضت واقترحت تسميته “ناجي” حتى ينجيه الله دائما، اعجبه الإسم
وقال:
– جميل الاسم، عشان يكون عندنا، ناجي وفادي على نفس الوزن، وشدي حيلك بسرعة عشان نكملهم بهادي.
وبذلگ تكون اكتملت فرحة “غزال” واصبحت الغزال الضاحگ، بدلا من الغزال الباكي، فمنذ وجود أمان بجانبها تبدلت حياتها وازدهرت الوانها واصبح هو ربيعها الذي تفتحت على يده ورودها وترعرعت من بعد ما كادت ان تموت بفعل يد الاهمال بها، وجاء الساقي ليعيدها ويروي ظمأ سنواتها الحزينة، ويبدل حالها للفرحة والبهجة.
وهكذا كفائتها الأيام بعد ما تجرعت
ظلمها، الآن عدالة السماء قالت كلمتها واتزنت برمانه الميزان ليأخذ كل بشر جزاءه بما فعلت يداه، فظل “فؤاد” وحيدًا بعد وفاة والده، واصابه حالة من الاكتئاب شديدة، ويحيا بمضادت للاكتئاب، ولا تغفى جفونه إلا بتناول الحبوب المنومه، ابتعد عن كل البشر، وظل حبيس داخل فيلته يتمنى الموت في كل لحظة، وتأنيب ضميره ينهشه في الثانية الاف المرات…
اما “آلاء” فما زالت تحيا على ذكريات الماضي، وتعيش على ذكرى حبيب رحل ولن يعود، محتفظة بتلگ العهد الذي قطعته على نفسها بالا تكون لأحد غيره، ومهما تسمع من اقاويل، تصمد وتسد اذنيها، ولا تبالي لما يقولون، وكل ليلة تهاتف صورته وتغمض عيناها حتى تراه ونيسًا في أحلامها.. فما اجمله وفاء الحبيب لذكرى محبوبه ..!!
وما زال سند؛ نعم السند لكل من حوله يغمرهم بحبه وحنانه، واطمئن قلبه على اخته واستقرارها في حياتها، ودوما يطمئن عليها، وسيظل لها دائما الأخ والسند المتبقي من عمره.
وإلى هنا انتهت قصتنا ورحلة
“الغزال الباكي” التي انتهت بفرحة عمره حين التقى بمن اسعده وقدره.
اتمنى إنها تكون نالت رضا الجميع، واشكر كل من دعمني واسعدني بتعليق يشجعني على الاستمرار، ويسعدني ويشرفني متابعتكم لرواياتي في برنامج كوكب (رحلة الصقر واسيرة الصقر الجزءين كاملين هناك) اخر ما نشر لقلمي.
ونلتقي على خير في رواية جديدة مفاجأة في اول تجربة ليا في كتابة السرد العامي، يارب تعجبكم جميعًا.
اتمني اكون دايما عند حسن طنكم فيني، وإلى اللقاء مع
“العسقلة الماكرة ”
وفي اقرب وقت هنزل منها اقتباس، واول ما انتهي منها هنزلها بإذن الله.