رواية الغزال الباكي كاملة جميع الفصول

رواية الغزال الباكي

­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­ ­

– اكيد هيتهبل اكتر ما هو مهبول عليكِ، ربنا يسعدكم ويهنيكوا يارب يا بنت بطني.
– يارب يا ماما يقدرني اني اسعده زي ما هو بيعمل كل اللي في وسعه عشان اكون سعيدة.
صمتت لحظة وتذكرت موضوع السمسار فقالت موجهه حديثها لاخاها:
– اه بالحق يا سند، عايزاگ تكلم السمسار وتديله رقم أمان عشان يتمن شقته بالعفش بس، ماعدا الأجهزة الكهربائية قالي انها جديدة ومعنديش مانع نستخدمها، بس هغير البتوجاز والتلاجة، عشان عايزة حاجة أحدث.
– عيوني حاضر، هتصل عليه فورا وهتفق على معاد ونقابله نخلص كل حاجة متقلقيش، وهخليه برضو يشوفلگ شقة حلوه متشطبه.
– ربنا يباركلِ فيگ، طول ما انت جنبي وفي ضهري عمري ما اقلق ابدا، ومفيش مانع هو يشوف وانا برضو هبقى اسأل، والاحسن ربنا يتممه على خير وناخدها.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *

close

 

مر يومان على حديث والدة غزال لابنها بخصوص رفضها للشقة، وليس فقط بل هاتفه حماها السابق وطلب منه الحضور ليأخذ العقد ويحاول اقناعها، وبالفعل توجه “سند” إليه ورتب كل شيء وعرض شقتها للبيع، وعندما علمت جارتها بهذا الأمر اتفقت مع زوجها طلب منه شراءها فهما أولى من أي شخص آخر، فهذه الشقة بمثابة فرصة ولا بد من اغتنماءها، بالاخص ان مازالت حديثة وكل محتوياتها جديدة، تفاوض معه ودفع ثمنها وتبقى جزء قليل سيتم دفعه عند التسليم، وبعد تخلص أخته مما تريد منها، وعندما تناول منه حقيبة النقود، توجه إلى منزل والدته، ونادى عليها فأتت إليه، تبسم لها وقال:

 

– اقعدي يا غزال عايزگ في موضوع مهم، وياريت تسمعيني للآخر من غير ما تقطعيني.
– اتفضل يا سند اتكلم قلقتني، خير؟
– خير يا حبيبة قلب اخوكِ، اتفضلي خدي الشنطة دي الأول.
– فيها اية الشنطة دي؟
فتح الحقيبه وحين رمقت حزم النقود، تعجبت وتساءلت عيناها فأجابها بابتسامة :
– بصي ماما وحماكِ بلغوني برفضگ للشقة اللي كتبها ليكِ طلقيك، وبصراحة انا مش موافق على رفضگ، وبما اني اخوكِ وسندگ فتصرفت نيابة عنگ فيها بالتوكيل اللي كنتِ عملاه زمان ليا عشان ابيع ورثگ، وقبضت الفلوس، ومتبقي مبلغ عند التسليم، بعد ما تشوفي هتاخدي منها أية.
وقفت فجأة كأنها صعقت بماس كهربائي للتو، ازاحت الحقيبه بعنف
وقالت بلوم وعتاب له:

 

– ليه كده يا سند؟ ازاي تقبلها بعد ما رفضتها؟
– ممكن تقعدي وتهدي شوية.
جلست وهي تزفر انفاسًا حارقة، ربتت على ساقها والدتها وقالت بحنو:
– اسمعي بس كلام اخوكِ يابنتي من غير ما تتنرفزي كده.
– يا غزال انتي مش بتاخدي حاجة مش من حقگ، ده تعويض عن كل لحظة ألم عشتيها، وده ابسط حاجة يقدمهالگ.
– وانا سبق وقولت تغور اي حاجة من ناحيته، انا مش عايزه اي شيء منه، وكل اللي في الشقة مش عايزاه عشان ميفكرنيش بيه، ولا يفكرني باللحظات اللي مريت بيها.

 

– ولو قولتلك عشان خاطري متكسفنيش قدام الناس اللي اتفقت معاهم، كل اللي عليكِ شوفي هتاخدي اية من هناگ، هدومگ مثلا اللي سبتيها.
ردت والدتها قائلة:
– انتي ناسية أن في هناگ شنط لسة متفتحتش اصلا !!
تذكرت “غزال” تلگ الحقائب من ملابس داخليه وخارجية، فمنذ حملها وزيادة وزنها لم تقترب يداها منها، تنهدت وقالت:
– خلاص هروح اخدهم، ولو احتجتي اي حاجة يا ماما خديها، مش هاخد منهم حاجة في بيتي الجديد.
واتصل على سمية ياسند عشان لو في اي شيء هناگ يلزمها تاخده.
– يعني افهم من كده انگ وافقتي تاخدي الفلوس، يا حبيبتي دي حقگ ومفيش حد في الزمن ده يفرط في حقه.

 

– حاول تفهمني، انا متأكده من أن أمان مش هيوافق.
– سيبيه عليا أنا، المهم فكري هتعملي اية بالفلوس، انا من رأى تحطي فلوسگ على فلوس شقة أمان وتشتري شقة اكبر.
– فكرة كويسه، بس يارب يرضى، انا مليش دعوة بالموضوع ده.
اومأ لها بالموافقه، واعطي الحقيبه لوالدته لتحتفظ بها، ونهضوا جميعًا للتوجهه لشقتها، وهاتف زوجته تلحق به هناگ، وعندما وصلوا اخذوا ما يريدون من هناگ كل من والدتها وزوجة اخيها، ثم اغلقوا الشقة وسلمتها لجارتها واستلموا باقي المبلغ، وبذلگ انهت “غزال” كل ما يربطها به من احزان وآلام وذكريات مؤلمه، استقلت سيارة اخاها وكل الذي يشغلها؛ هو رد فعل حبيبها فيما اجبرها عليه “سند”، فهو خلال اخر مقابله بينهما لم يتقابلان، نظرا لانشغال كل منهما في عمله، بينما اتصالات هاتفيه قصيرة فقط، ولا تسمح بأن تسرد له ما حدث.
تقابل “سند” معه كما وعد اخته، وشرح له وجهة نظره، فقد كان “أمان” رافضًا بشدة وغير متقبل حديثة، لكنه حين علم ان غزالته تخشى غضبه ورفضه، وافق

 

لكن بشرط هام، آثار فضول “سند” فتسائل:
– شرط اية؟
– أن الشقة تكتب باسمنا احنا الإثنين، ما دام هتساهم فيها، أنا والله لو عليا كنت كتبتها كلها بأسمها، لكن مقدرش اجي على حق فادي.
– عين العقل، واللي يريحگ أعمله، بإذن الله نشوف شقة حلوة ونتوكل على الله.
– ياريت همتگ معايا، نفسي اخلص من الموضوع ده في أقرب وقت.
– متقلقش كل حاجة هتيجي في معادها، احنا دلوقتي هنتمم بيع شقتگ، واللي فيه الخير ربنا يقدمه.
توجهان لمقابلة الشخص الذي آتى به السمسار لشراء شقته، وبعد مده من المناقشات وتداول الآراء؛ تم البيع بمبلغ لم يتوقعه، وبناء عليه تم تسليمه للشقة

 

بعد تسجيلها في الشهر العقاري، واخذ ما يحتاجه منها.
ذهب ليزف لها خبر اتمام بيع الشقة، وحينما وقعت عيونه عليها تفاجأ بتلگ الساحره الوافقه أمامه، وقف متسمرًا حين شاهد جمالها الفتان، فحقًا كانت فاتته، اسرته من قبل بحروفها وكلامتها؛ والآن فاتنته بحسنها، دلالها، الفتاگ، فأي عقل يستوعب كل هذا الجمال ولا يصرخ منادي بحقة في الحياة.. ؟!
اقترب منها وقبل كف يدها وقال بعينان لامعتان بعشق:
– أنا مقدرش على الجمال والحلاوة دي يا غزالتي !!

 

توردت وجنتيها كتفاحتين ناضجتان حمراوتين، فزادتها فتنه وجمالا، نكست وجهها في خجل، رفع باطراف انامله رأسها وهمس:
– بحبگ يا فاتنتي.
تجلت الابتسامة وعرفت طريقها على محياها منذ دلوفه لحياتها.. فبوجوده تغيرت حياتها واخضرت اوراق خريفها وتحول اسمها لغزال اسمًا وجسدًا، وقبل اي شيء روحها التي احبت الحياة برفقته، وجدت نفسها ترد عليه بنفس همسه:
– انا اللي بعشقگ يا أمانِ، وسر سعادتي وكل دنيتي.

 

جلسان على الاريكة، ورحبت به والدتها، وقال بفرحة وحماس:
– انا جاي عشان افرحگ، واقولگ اني خلاص بعت شقتي بسعر مكنتش احلم بيه، وكمان وافقت على اقتراح سند بس هكتبها باسمنا احنا الاثنين، ومش عايز اي اعتراض.
– مع اني مش موافقه، بس مش هعارضگ، عشان انا كمان عندي خبر حلو ليگ.
– هو النهاردة يوم الأخبار الحلوة ولا اية، اشجيني يا وش السعد.

 

– كنت مكلمه حارس البرج اللي بشطب فيه شقة لو في شقق فاضية في المنطقة، واتصل عليا من شوية وقالي في شقة دوبلكس كبيرة متوضبه جاهزه على العفش صاحبها كان هسكن فيها، بس عرضها للبيع عشان هيسافر، بكره نروح نشوفها وفلوسگ مع فلوسي ندفعها، والعفش ربنا يكرمنا ونجيبه.
– احلى خبر سمعته، بكره كلنا نروح نشوفنا، ومعانا سند عشان يقولنا رأية ونربط كلام مع البايع.
– على بركة الله، هتصل بالحارس ياخد معاد مع صاحب الشقة، وربنا يكرمنا.

 

– انا هقوم بالمناسبة الحلوة دي احليلكوا بقكوا واجيب الرز بلن اللي لسه عاملاه.
– تسلم ايديگ ياطنط.
– تسلم يابني.
استأذن “سند” بعد مباركته لهما، والاتفاق على موعد يتقابل معهم، وتوجه لمنزله، بينما جلس “أمان” بجانبها وعندما تتلاقت الأعين المشتاقة تبوح بفياض من الحب والحنان، يشرد كل منهما في بحور عشق الآخر، ومحت تلك البحور كل ما مضى من ذكريات طمستها وجرفتها بعيدًا حتى رست على مرفأ امانها.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
– يابني انا تعب من طول بعادگ ده، قولت هترجع ومش بترجع، وأنا حاسس أن ايامي بقت معدوده.
– والله غصب عني يا بابا، تأسيس الشركة اخد وقت مني، وكان لازم اتواجد واباشرها لحد ما اقف في السوق واقدر أنافس باقي الشركات.

 

ابتسم بسخرية وقال بوجع:
– واخرتها هتفضل كده لحد امتى تجري ورا جمع المال ومش بتكتفي باللي معاگ، إنما عايزه يزيد ويزيد، زي ما يكون جالگ حالة صرعه لحب المال، وياعالم مين هياخد كل المال ده؟
ادرگ ما تفوه به من كلام لازع الذي سرى في حلقه بمراره ما فعلته به أيامه، اغمض “فؤاد” بألم:
– معقول انت شايفني بالشكل ده ازاي ؟!
رد عليه بوجع اشد منه رادفًا بنبره حزينة:
– للأسف يا فؤاد هي دي الحقيقة المُره اللي مفيش مفر منها، انت بتنسى وجعگ بالمال، فاكر ان ده هو الحل.. شهوة جمع المال بقت هي غايتگ، فوق قبل ما يفوت الأوان.

 

– لأن شغلي هو اللي باقي ليا بعد ما خسرت كل حاجه، هو اللي هسندني ويخليني قوي، بالفلوس هشتري اي شيء عايزة، والكل في خدمتي، ليه مستكتر عليا اني اعيش يومين حلوين واكون الحاكم الأمر المسيطر في كل شيء حواليا، على العموم
هحاول اجي في اقرب وقت شهرين اوثلاثة بالكتير وهتلاقيني عندگ.

 

تنهد الأب بيأس فهو لن يتغير مهما حاول معه؛ سيظل هكذا غارق في شهوته التي تملكت منه، والمال الكثير الذي تساقط عليه جعله لا يرى في الحياة اهم منه، وخشى عليه من ان يأتي اليوم الذي يندم اشد ندم، حينها يكون الوقت مضى وفات.
اخذ نفسا عميقًا و رد بكلمه واحده لم تفرق معه حين قال:
– براحتگ.
قذف هاتفه بعنف أمامه، وزفر أنفاس حارقه خرجت من دواخله تبعث عن مدى ضيقه وغضبه مما قال له، افاق من حالته على دلوف إحدى العاملين يقدم له بعض الأوراق تحتاج لتوقيعه عليها، امره ان يضعها امامه على مكتبه ليقوم بمراجعتها، ثم اشار له بالانصراف.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *

 

ومع بداية اشراق يوم جديد، انتظر “أمان” موعده مع مالگ الشقة بفارغ الصبر، وحين جاء توجهه إلى غزالته وذهبا لمشاهدتها، وعندما ولجا للداخل، انبهرت “غزال” من المساحه الواسعه في هول الشقة، وبالديكوات التي نفذت في غاية الذوق الرفيع، فهي حقًا لا تحتاج لشيء غير انهما يضعون الفرش بها، تشابگ يدها وصعدان للدور العلوي، فقد كانت كل درجه يصعدان من خلالها يقربهما من بعض اكثر واكثر لتحقيق حلمهما المنتظر، دلفت للغرفة الأولى، وجدت بها حماما خاص كما تمنت، وفي سقفها جبس بورد مزين بالانوار، وعلى إحدى الحوائط مكتبه لتضع التلفاز في المنتصف، وعلى احدي جانبيها ارفف لتعليق التحف فوقها، كانت ابتسامتها تعلو على شفتاها الوردية، مما زاد من فرحة “أمان” الذي كان على الاستعداد ان يدفع عمره ثمنًا لاستمرار تلگ الابتسامه التي تسرق قلبه وتجعله يتتطاير كالبلبل مغردًا انشودة الحياة.
استمر في مشاهدة باقي الغرف والشقة، وتم الاتفاق والتوقيع عليها، على اتفاق دفع باقي المستحق عند التسجيل، اقترب منها “أمان” قائلا بعد انصراف البائع:
– مبروگ عليكِ يا غزالتي، ربنا يجعلها قدم الخير والسعادة علينا يارب، ويرزقنا بالزرية الصالحة.

 

ردت عليه وهي ترمقه داخل بحور عيناه العاشقة لها، سابحه لا يهمها الغرق فهي داخل موطنها وامانها رادفة بحب:
– مبروگ علينا يا حبيبي، يارب نملي كل ركن فيها بالحب والهنا يا أمانِ، ويرزقنا اخوات لفادي.
– انا مليش دعوة اعملي حسابگ فيه متقلش عن ربع دستة، اقل حاجة، نفسي يكون لفادي اخوات كتير يعوضوه وحدته اللي عاش فيها، وملكيش حجه في غرفين اطفال، مش غرفه واحده.
ضحكت في خجل وقالت في حياء:
ان شاء الله، كله بمشيئة ربنا.
آتى “سند” وقال وعيناه تجوب كل ركن:
– الف مبروك عليكم، الشقة جميلة جدا، واحسن حاجة انها مش محتاجة لاي شغل، يا دوب نبدأ نشتري الأوض والعفش من بكره.
– بإذن الله يا سند، بس بكره لازم يا أمان تجيب معاگ فادي؛ عشان يختار بنفسه الاوضة بتاعته زي ما وعدته، وانا هعمله بنفسي شوية ديكورات كده علي ذوقي.

 

– عيوني يا قلبي حاضر، بس مفيش داعي تتعبي نفسك.
– مفيش تعب ولا حاجه انا وعدته اني هعملها بنفسي واختار معاه كل حاجة.
– ربنا ميحرمناش منك ياقلبي، ده من وقت ما بعت الشقة وكل يوم يسألني هنجيب اوضتي أمتى، وماما غزالة هتنقيها معايا ولا لأ؟
– يا حبيبي أكيد طبعا قوله ماما هتختار معاگ الاوضة والصور اللي هنعلقها واللعب وكل حاجة، حتى هدومه هختارها معاه، بس يارب بابا ميفلسش بسببنا.
تعالى صوت رنين ضحكاته ليهتز لها جدران قلبها فيشاركها في الصداح قائلا:
– اممم يعني ضاعت تحويشة عمرگ يا أمان على ايد غزالتگ وابنگ، ماشي يا ستي كل ما املگ تحت امركوا انتو الاثنين، بس انتي شاوري وانا البي.
– تسلملي حبيبي، بس ياريت بعد كده لما تتكلم عن فادي؛ تقول ابننا مش إبني، لاني حقيقي بعتبره زي ابني.

”رواية الغزال الباكي” لتكلمة الجزء التالى من الرواية اضغط هنا?⏬???

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top