كانت “ليلى” وصلت منزلها للتو، وبتعب وإرهاق شديد كانت تخلع ملابسها وتقف أسفل صنبور المياة لعله يُهدئ من روعتها من ما سمعته اليوم؛ فهي منذ ما علمته عن هؤلاء الأطفال المساكين وهي تشعُر بالخوف يحاوطها! علمت اليوم أنها منذ نضجها وهي بعيدة كل البُعد عن الجانب المظلم للحياة! لم يأت في ذهنها ولو للحظة واحدة
أنه يوجد أناس يفعلون ما علمته اليوم، لم تتخيل أنه يوجد نفوس يمكن أن تتحمل كل تلك القسوة وهي لم تنضج بعد! غلقت صنبور المياة وأخذت نفسًا عميقًا، شعرت أنها تخلصت من كل
شعور سيء كان يرهقها، انتهت من أخذ حمامها الدافئ ثم دلفت لغرفتها لكي تبدل ملابسها، وكعادتها ترجلت للمطبخ لكي تُعِد الطعام لزوجها الذي من المفترض أن يأتي على موعد الغداء كما وعدها! ولكن مهلًا… مضى ثلاث
ساعات وهي في انتظاره وهو لم يأتي، نهضت من على الأريكة بيأس وهمّت لكي تدلف لغرفتها وتنام، لكنها سمعت صوت مُفتاحًا يوضع في باب منزلها، وقفت في مكانها تنظر للباب وهي تضم ذراعيها أمام صدرها تنتظر دخوله البهي!
لم يلبث أن يقول أي شيء فور دخوله حتى اسقبل أنفجارها وهي تصيح عليه غاضبة:
ـ هو ده اللي أتغيرت ومش هتأخر تاني يا “عامر”؟ برضه بتعمل اللي كان بيحصل، واللي دايمًا بيحصل وهيحصل!
تنهد وهو يغلق عيناه ثم فتحهم مرة أخرى لكي يستعد أن يسمع تلك الخُطبة كاملة، ترجل نحو الأريكة وجلس عليها وهو ينظر لها