ـ ماما أنا مش بحبك.
ـ وأنا كرهت خِلفتي بسببك.
كانت جُملة عشوائية وقعت على مسامع “ليلى” وهي تجلس بمفردها في ذلك المقهى، نظرت لتلك الطفلة سريعًا
ورأت والدتها تنهرها بعصبية والدموع تتكوّن في مقلتيّ الطفلة بوضوح، لم تهتم بتفاصيل مشاجرتهم، ولكنها تعجبت من حال الدنيا، تلك الأم من الواضح أنها غير قادرة على احتواء طفلتها بشكل صحيح، تُصرخ في وجه ابنتها أنها نادمة على مجيئها للدُنيا؛ في حين أنه يوجد آلاف من السيدات -التي هي منهن- يتمنين أن يكون لهن نسلًا في الحياة! هل حقًا الدُنيا تعطي الشيء لمن لا يريده؟ أم هي عادلة كما يزعمون؟ شَعرَت بسائل دافئ يسري على
وجنتيها، سحبت منديلًا ورقيًا وكفكفت دموعها بهدوء، ثم سحبت حقيبتها وقررت الرحيل من هُنا، وضعت النقود على الطاولة ثم نهضت وترجلت في اتجاة الباب، وقبل مغادرتها من المكان بأكمله ألقت نظرة أخيرة على تلك الطفلة، رأتها وهي تنهض من مكانها باستياء ووالدتها تدفعها للأمام بعنف لكي يتحركان سويًا من المكان، تنهدت
بعمقٍ ثم أغلقت باب المقهى وترجلت نحو سيارتها بهدوء، بعد وقتٍ ليس بقليل كانت بداخل منزلها بعدما حاولت أن تتناسى ما شغل بالها طوال الطريق، دخلت غرفة نومها وبدلت ملابسها سريعًا ثم ذهبت للمطبخ لكي تُعِد “لعامر” الطعام؛ فموعد انصرافه من العمل متبقي عليه ساعتين فقط، كانت “ليلى” تدور حول نفسها في المنزل حتى أنتهت من أعداد الطعام، جلست على الأريكة وهي تشعر أنها منهكة، نظرت على ساعة الحائط كانت دقت للتو
الساعة السادسة مساءً، من المفترض أن زوجها العزيز سيأتي الآن، كانت تجلس أمام التلفاز تُسلي حالها حتى يأتي، ورغمًا عنها غفت وهي في مكانها، ولم تستيقظ غير على صوت هي تعلمه جيدًا وهو يقول لها بتعجب:
ـ “ليلى” اصحي ايه اللي نيمك هنا؟