مُختلف، كان وراء جدران “أزهار المستقبل” البراعم الصغيرة وهي تلهو في الحديقة وسط الأشجار والعُشب الذي يحتضن المكان من كل اتجاه، كان هناك “مالك” و”ياسين” يلهيا سويًا برفقة أصدقاءهم الذين يرافقوهم تلك
الرحلة، ولكن كان “سمير” يجلس بمفرده بعيدًا عن زملاءه، كان يجلس يضُم ركبتيه لصدره وكأنه هكذا يحمي نفسه من العالم! كان يحملق في نقطة هاوية في الفراغ ويفكر في أمره، ولكن “سلمى” اقتحمت المنطقة التي كان مُنعزل فيها عن العالم من وجهة نظره وجلست بجواره، استدار لها ونظر لها بتعجب،
ارتسمت على وجهه تلقائيًا علامات الأمتعاض وعدم الرضا، ولكن هي لم تهتم له، جلست بجواره القرفصاء وعلى وجهها ابتسامة هادئة ثم حيّته، جاءها رده جاف، بعدما نظر لها عاد يحملق في الهواء من جديد، أما هي فنظرت لذات النقطة التي كان ينظر لها ثم قالت له وهي مازالت تنظر بعيدًا عنه:
ـ قولتلك أني من النهاردة مش هسيبك وهتكون صاحبي وهساعدك، ليه مستغرب أني جيت ليك النهاردة؟
دحرج مقلتيه عليها، ضيق عيناه ثم قال ساخرًا:
ـ عشان محدش بيكون قد كلامه! وبعدين مين حِمل أنه يشيل مسؤلية ووجع دماغ حد زيّ؟ ما كل واحد فيه اللي مكفية.
كانت تنصت له وهي تعطي له كامل تركيزها بكل حواسها، بعدما انتهى من حديثه المُنفعل ابتسمت هي بهدوء وهي ترفع أحدي ساقيها وتسند عليها بذرعها لكي تتكئ على خديها وقالت:
ـ بس ده شغلي ببساطة يا “سمير” شغلي أني أفضل جمبك لحد ما السم ده يخرج من جسمك، شغلي أني أفضل جمبك لحد ما تكون