بوجهِ شاحب وصوت يكاد يصل لمسامعه:
ـ حسيت أن جسمي كله اتكهرب يا “ياسين” حسيت أن نفَسّي بيتخنق، جسمه كله اترعش غصب عني، مكنتش فاهم في إيه بس حسيت أني مش عايز حد يقربلي، محستش بنفسي غير وأنا بصرخ، مكنتش عارف أدافع عن نفسي غير بصوتي فضغطت على نفسي
وصرخت! حاسس أن كل ذكرى وحشة حاولت أحبسها في الفترة اللي فاتت طلعت في الموقف ده! أنا تعبت يا “ياسين” تعبت.
ترورقت عين الآخر بالدموع وهو يستمع لمعاناة صديقه، تلك المعاناة الذي يعرفها هو وحده، لا يعلم كيف يساعده،
ولكنه يعلم جيدًا أنه حزين على حال صديقه، اقترب منه وأخذه في أحضانه بحذر شديد، كان الأخر يحتمي فيه وكأن حضنه يبعد عنه شرور العالم، وكيف على طفلين مثلهما أن يحتميا في بعضهما وهما أضعف من بعضهما بهذه البساطة؟ وليتنا في نقاء هؤلاء الأطفال؛ لأصبح العالم يعيش
بسلام في جميع قاراته!
༺༻
ولكن في حديقة الدار كانت “ليلى” تتجول حول الأزهار وتفكر فيما حدث في الساعات الماضية، وأثناء أنغماسها
في أفكارها ظهر أمامها “ياسين” كان يركض نحوها وكأنه يريد أن يلحقها، وضعت خصلات شعرها المتطايرة خلف أذنها وسألتها بتعجب وهي تقف له:
ـ في إيه يا “ياسين”؟
وقف أمامها وهو يلهث بعنف ثم أجابها قائلًا:
ـ كنت عايز أتكلم معاكِ.
ابتسمت له ثم قالت سريعًا:
ـ يا سلام، دا ليا الشرف، تحب نتكلم في إيه؟
نهت جملتها وهي تسير جانبه ببطئٍ، نظر لها وسار بجانبها هو الآخر وقال:
ـ هو أنتوا هتفضلوا هنا لحد أمتى؟
ابتسمت له بهدوء ثم سألته: