طرقت الورقة الصغيرة التي كانت في يدها على مكتبها وهي ترفع أناملها تمسح دموعها، تخلّت عن مقعدها ثم اقتربت مِنه، كست على ركبتيها ولكنها أعطته مساحته الخاصة لكي لا ينزعج مِنها، مسكت كفيّ يداه في يدها الكبيرة بالنسبة له ثم قالت بنبرة لينة حنونة هو
يفتقدها كثيرًا:
ـ كل اللي حكيته ده يا “مالك” يدل أنك قوي، قوي أوي أوي، اللي قدر يعدي بالحاجات دي كلها يبقى بطل، أنت مش مذنب أبدًا، هما اللي عالم مريضة، أنت اللي حصلك ده بيحصل لأطفال كتير أوي على فكرة، أنت مش لوحدك، ولازم نعدي اللي حصل ده، لازم منخلهوش
يقف عقبة في حياتنا، صح؟
رفع وجهه لها ببطيءٍ، كانت عيناه تمتلئ بالدموع وهو يسألها:
ـ تفتكري هقدر؟ الناس مش… مش هتقرف مِني؟
نفت برأسها سريعًا ثم قالت:
ـ الناس لما تعرف هتقول قد إيه أنت بطل وعرفت تعدي كل ده لوحدك.
ابتسمت له وأعطته نظرة فخر، بينما هو فمسح دموعه وهمس لها بكلماتٍ معدودة تحمل في طياتها شعوره الأمتنان :
ـ شكرًا أنك سمعتيني.
ابتسمت له هي الأخرى وهي تضم كف يدها بطريقة ما ثم مدتها له، نظر لكف يدها ثم فعل مثلها وضرب يده بيدها وعلى محياه ابتسامة صغيرة؛ لكي تكون تلك الحركة هي علامة الشُكر بينهم من اليوم.
༺༻