داخل عقل حاتم الذي يسير جوار همام جسد بلا روح .. حتى وصل إلى المشرحه التي وضعوا بها الجثمان .. وحين رفعت الممرض الغطاء عن وجه كاميليا .. أنحدرت دموعه وهو يقول
-ليه يا كاميليا ليه؟ ذنبك دلوقتي في رقبة مين؟ في رقبة أخوكي إللي دمر العيله كلها؟ ولا في رقبتي أنا ؟ ليه يا كاميليا ليه؟ الله يرحمك ويغفرلك ذنبك الكبير ده
والمشهد يتجدد من جديد .. الصلاة والجنازة والدفن . والدموع والحصره والألم .. كل ذلك كيف يتحمله قلبه .. كيف .. لم يعد هناك مكان لجرح جديد وصدمه جديدة .. عاد إلى المستشفى لكنه لم يستطع الصعود توجه إلى المسجد توضئ ووقف بين يدي الله يتوسله الرحمه والمغفره والمواسه والقدره على التحمل .. طلب الدعم والرحمه .. طلب السند وأن يربط على قلبه بالصبر والسلوان
حين عاد إلى المستشفى جلس مكانه من جديد أمام غرفة الرعايه ينتظر أن يطمئن علي الباقين من عائلته .. خرجت الممرضه ووقفت أمامه تقول
-مدام سالي عايزه حضرتك
لم ينتظر أن تكمل كلماتها ودلف سريعاً إليها .. ليجدها مغمضه العينين واضعه يديها فوق بطنها ودموعها تنحدر من عيونها دون
توقف
فهمس بأسمها لتنفتح عيونها تنظر إليه بحزن وقالت
-كنت حامل .. أبني مات يا حاتم .. ثمره حبنا .. ونتيجة تحسن علاقتنا مات و راح
أقترب منها وجلس على السرير جوارها وقال
-قولي الحمدلله .. إنا لله وإنا إليه راجعون .. لله ما أعطى ولله ما أخذ .. اللهم أأجرني في مصيبتي وأخلفني خيراً منها
رددت خلفه ودموعها لا تتوقف .. ليقول من جديد
-أحنا لسه مع بعض والحياة قدامنا ونجيب بدل العيل عشرة … المهم أنت يا سالي .. المهم أنتِ تبقي بخير .. المهم أنك معايا
ظلت تبكي بين ذراعيه وهي تومئ بنعم .. وبسبب حالتها لم يستطع أن يخبرها عن أديم وكاميليا .. وكذب عليها وقال إن
الجميع بخير لكن كله في حالة صدمه .. و إللي متنيم بسبب الأدوية و إللي في غرفة الرعاية علشان العمليات إللي خضعوا ليها .. لتدعوا لهم جميعاً بالشفاء وغفت بين ذراعيه
وحين علمت بالخبر بعد فتره كانت هي الأخرى على موعد مع الأنهيار العصبي الذي ظلت نائمه بسبب مفعول الأدوية لعده ايام أخرى