عيونها عليه عبر الزجاج لتمد يدها له وهي تصرخ بأسمه .. لم يعد يحتمل ليقتحم الغرفه ودلف إليها .. أبعد الطبيب وضمها إلى صدره بقوه لتبكي بحرقه وبكائها يحمل الكثير من الصرخات .. صدمة كلمات طارق .. وصوت طلقات الرصاص الذي يصم أذنيها حتى الأن .. ألم ذلك الجرح في معدتها .. وأيضاً ذلك الشعور بالخواء التي تشعر به .. رغم عدم عرفتها بسببه
ظل الموقف متجمد لعده لحظات .. تبكي وتصرخ بين ذراعيه ويشاركها هو الدموع بصمت .. لكن يده لم تتوقف عن الربت على
ظهرها .. وصوته المختنق بالبكاء يهمس لها بأن تهدء وأنه جوارها.. مرت عدة دقائق ثم أبتعد عنها قليلاً حتى يستطيع رؤية وجهها وقال بألم
-عارف أن كل ده صعب .. أختبار شديد من ربنا يا سالي .. لكن لازم نكون قده يا سالي .. أنا وأنتِ علينا مسؤليه كبيرة .. رغم مصيبتنا
كانت تنظر له بتشتت وضياع والدموع تغرق عينيها .. زهرته ذبلت .. وأوراقها النديه يبست .. لكنه لن يسمح بذلك .. سوف يخفي حزنه ويدفنه داخل قلبه من أجلها ومن أجل الباقين
لكنها أغمضت عيونها وذهبت في إغمائه جعلته ينتفض ينظر إلى الطبيب الذي أقترب سريعاً يتفقدها .. ليخبره إنها في غيبوبه .. لكن الأمور مستقره وتلك الغيبوبه .. متوقعه
كان حاتم يتذكر كل هذا أيضاً وهو يقود سيارته متوجها إلى شركته .. وأكملت الذكريات تنهمر على عقله .. حين خرج من الغرفة متهدل الأكتاف بعد أن أطمئن عليها إنها نائمه ولن تستيقظ الأن .. ما يحدث معهم الأن شديد وصعب .. مؤلم حد الموت .. كيف يتحمل ذلك .. موت صديقه وأبن عمه الذي دفنه بيده .. وقف وسط جمع غفير من الناس .. موظفين المؤسسه .. عمال القصر .. عمال المستشفى .. وبعض المارة بالشارع الذين سمعوا في مكبرات الصوت الخاصه بالمسجد الذي يجاور
المستشفى أن هناك حالة وفاة وسوف يتم الصلاة عليها الأن .. عدد كبير وقف خلفه الجثمان يصلي من يعرفه ومن لا يعرفه .. كان حاتم يبكي طول صلاته على صديقه الوحيد المقرب والغالي .. وحين حمل النعش حتى يوصله إلى مثواه الأخير لم يكن يستطيع التحكم في دموعه .. ولا حديثه الذي لم يكن أحد يفهم منه شيء سوا همام أقربهم له
-رايح فين وسايبني يا أديم .. هُنا عليك تسيبنا وتمشي .. هان عليك تسيب تار نرمين .. طيب ونس هتسيبها كده وتمشي
من غير كلمه وداع ولا لوم ولا حتى حب .. طيب وأنا يا أديم أعمل أيه من بعد يا صاحبي .. قولي . أعمل أيه من غيرك .. المسؤليه تقيله أوي يا أديم أوي .. اااااه يا صاحب العمر والأخ والسند .. اااااه يا كل حاجة حلوه في حياتي مرتبطه بيك
صمت لثواني يحاول أيجاد صوت من بين شهقاته أكمل قائلاً
-متخفش يا صاحبي أخواتك أمانة في رقبتي .. هشيل سالي جوه قلبي وراسي وجوه عيني .. ونرمين أختي وفي ظهرها
ومش هسيبها أبداً .. وهجيب تارك من طارق وتارها .. أطمن يا صاحبي أطمن أنا موجود وهسد في غيابك .. غيابك إللي دبحنى .. وهيموتنا كلنا من بعدك
كان همام يبكي على كلمات حاتم .. هو لم يتعرف على أديم من وقت طويل لكنه حقاً شخص مميز وذلك الحزن الظاهر على حاتم قليل على خسارة شخص مثله