-مش بحقق معاك. أنا بطمن عليك يا حبيبي.. بقيت راجل و ملو هدومك. بس في نظري هاتفضل ابني الصغير
بادلها الأخير نفس الابتسامة و حنى رأسه ليطبع قبلة على يدها، ثم عاود النظر إليها و قال :
-ماما انتي تعملي إللي يعجبك. اسألي حققي.. براحتك يا حبيبتي
تنهدت و هي تمسح بيدها الأخرى على رأسه …
-في موضوع مهم عايزاك فيه.. موضوع متعلق بحياتي يا مالك
اختفى كل مظهر من مظاهر الاسترخاء من وجهه ليحل العبوس الكامل، و يسألها بصوتٍ أجش بعد ذلك :
-خير يا ماما.. إتكلمي من فضلك !
*****
كان يرتقي الدرج من دون المصعد هذه المرة، على أمل أن يشعر بألمٍ في جسمه المتثاقل عوض آلام روحه، كان
يذرف الدموع لأول مرة بحياته، يشعر بالهزيمة، الضياع.. و أنه بلا مأوى
هكذا وصولًا إلى الشقة التي منحه إيّاها “أدهم” مؤقتًا، و لكن المفاجأة غير المتوقعة في هذه الساعة، أن يراها هنا، في انتظاره.. على ما يبدو …
-إيمان ! .. نطق اسمها بأحرفٍ غائمة
كانت صورتها تهتز أمامه، بينما اشتد قلقها عليه، فالنظر إليه من على قربٍ يظهر مدى حالته المزرية، و لعلها لم
تفهم ما أحل به و هي ترى تلك الزجاجة الشفافة بيده …
-بتعملي إيه هنا !؟
بدا لها صوته غريبًا كشكله، لكنه كان يترنّح يمنة و يسرى، كان و كأنه معرضٌ للسقوط و كان قلبها رهن إشارةٌ منه،
لا يمكنها أن تراه بحاجة لمساعدتها و تعرض عن هذا، مطلقًا …
-انت كويس يا مراد ؟ مالك تعبان و لا إيه ؟؟
كانت في صراعٍ بداخلها، أتهب لمساعدته أم تلتزم السكون تفاديًا للكوارث المحتملة !!
و لكن ردّه العنيف صدمها كليًا :
-و انتي مالـك بيـا. حد قال إنك الدادة بتاعتي. امشي من وشي يا إيمان !
و أستل مفتاح الشقة من جيبه و دسّه أمام نظراتها المصدومة بالقفل، فتح الباب و ولج، ثم تأهب ليغلقه بوجهها،