-و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.. اتفضلوا !
مد “عثمان” ساقه و ولج و هو يحث “صالح” على إتباعه، رفع نظراته مستكشفًا، ليرى صديقه و رجلًا آخر وجهه غريب عليه، لا يعرفه إطلاقًا لكنه بدا سمحًا و إمارات الورع تتجلى على ملامحه العذبة الهادئة.. كانا يجلسان أمامه
فوق آريكة صغيرة بنهاية الغرفة الأشبه بغرفة مكتب أنيق و قديم الطراز، فتوقف “عثمان” عند نقطة معينة و أشار لـ”صالح” ليقف هو الآخر
تطلع “عثمان” إلى صديقه الجالس هناك على بعد خطوات منه عابس الوجه متوترًا، و تساءل بجمود و هو يشير
لذلك الشخص الغريب الذي يجلس إلى جواره :
-مراد باشا ! ممكن أعرف مين الأستاذ ؟
و هنا يرد الرجل ذو الوقار و الرصانة المثيرة للإعجاب نيابة عن “مراد” المتأهب للإنفجار كبركان بأيّ لحظة :
-أنا الشيخ أدهم عمران.. إتفضل يا أخي لو سمحت. كنا في إنتظارك !
في هذه اللحظة تبادل كلًا من “عثمان” و “صالح” النظرات و قالا في صوتٍ واحد :
-شيخ !!!
*****
جحظت عينيّ “إيمان” و هي تستمع إلى كلمات أمها كابحة إنفعالها لكي لا يسمعها أحد في الخارج :
-إزااااااي تعملي كده يا ماما.. مين قالك تقولي كده لمراد !؟؟؟؟
-يعني كنتي عاوزاني أعمل إيه. وأنا شايفاكي مقهورة و بالذات لما جه. قلت أحاول مرة أخيرة يابنتي.. على الأقل
عشان ربنا مايحاسبنيش عليكي
-إنتي عارفة عملتي إيـه ؟ إنتي رميتي إللي باقي من كرامتي في الأرض. حرام عليكي يا ماما
-ماتكبريش الموضوع يا إيمان بقى. ماحصلش حاجة. كانوا كلمتين و راحوا لحالهم.. خلاص. بصي المهم دلوقتي
تاخدي بعضك انتي و بنتك و ترجعوا دلوقتي حالًا. لسا أخوكي أدهم واخده و راحوا المضافة بتاعة أبوكي. أخوكي سأل عليكي و قلت له بتزوري عمتك. مش هاينفع يرجع مايلاقكيش هنا !
دق باب غرفتها المخصصة، فاضطرت لقطع المكالمة، و استدارت و الدموع ملء عينيها الواسعتين ؛
فإذا بها تجد “مايا” أمامها.. “مايا” شقيقة “سيف” و عمة صغيرتها “لمى” …
-إيمان ! .. هتفت “مايا” بعفوية
-يلا الغدا جاهز
أومأت لها “إيمان” و قالت بصوتٍ أبح :
-حاضر يا مايا جاية وراكي