نادمٌ أشدّ الندم، و يجب أن يعوض عليها هذا و يعتذر منها
إنها حبيبته
زوجته
أم أولاده
إنها “سُلاف” …
-مش هاتتعشّي معايا ؟ .. قالها “أدهم” متسائلًا حين شاهد زوجته تضع صحن واحد أمامه على مائدة العشاء
بدون أن تنظر إليه، جاوبته بجفاءٍ :
-لأ. مش جعانة.. لما تخلّص نادي عليا عشان أشيل الأطباق
و جاءت لتمضي متجهة إلى غرفة النوم، فقام عن مقعده معترضًا طريقها، فتوقفت مجبرة، بينما يقول بصوته
الهادئ مُلطفًا الأجواء بينهما :
-أنا مابعرفش أحط لقمة في بؤي منغيرك و انتي عارفة. حتى الغدا تحت معاهم اتظاهرت إني باكل. أقعدي يا سلاف و كُلي معايا. من فضلك !
سلاف بنفس الجفاء :
-لو قعدت مش هاكل. هاقعد عشان انت عايزني أقعد بس
أجفل متنهدًا بثقلٍ و قال :
-يعني بجد مش جعانة ؟
هزت رأسها نفيًا، فهز كتفيه مدمدمًا :
-طيب. خلاص شيلي بقى العشا. أنا كمان مش جعان. بس ممكن تحضري حاجة خفيفة أبقى أنزلها لمراد يتعشّى بيها !
توقّع أن تتراجع عن موقفها لتجعله يجلس و ينهي عشاؤه كما اعتادت أن تفعل دومًا، و هذا ما كانت تقف لبرهةٍ مترددة بشأنه، لكنها على عكس توقعاته أخذت تجمع الصحون و تتجه بهم إلى المطبخ ثانيةً …
توتر “أدهم” الآن و قد شعر بفداحة ما فعله لها، أراد أن يصلح ما بينهما، بل أن عليه أن يصلحه الليلة و قبل أن يبزغ نهارٌ جديد، و إلا سيصعب نسيانه
ذهب “أدهم” إلى غرفة نومهما و انتظرها هناك، لكنها تأخرت و خيّل إليه بأنها لن تأتي، فقام و بحث عنها في الشقة، حتى وجدها في غرفة الأطفال، تهم بالأستلقاء إلى جوار ابنها الأوسط في سريره المتسع لفردُ آخر، إذ أن
الصغير لا يحبذ النوم بجوار أحد و لا حتى إخوته، فقط أمه التي يعطيها هذا الامتياز …
-سلاف ! ..هتف “أدهم” مدهوشًا
إلتفتت نحوه في لحظة فانزلق روبها الحريري عن كتفها بنعومةٍ، رشقته بنظرة زاجرة و مشت ناحيته قائلة بصوت
مائل للهمس :
-وطي صوتك. الولاد يصحوا !!
تجاهل ما قالته و أمسك بيدها، شدها إلى الخارج و أغلق الباب على الصغار، أسندها إلى الجدار و استجوبها بجدية :