-انتي فعلًا سامعاني و مش بتردي !؟؟ .. صاح “أدهم” من بين أسنانه و هو يقبض على معصمها محاصرًا إيّاها بمنتصف الرواق
كان يبذل أقصى جهد حتى لا يستمع الصغار إلى صوته العالِ …
-أدهم. بجد مش قادرة لك. ابعد عني دلوقتي !!
الفتور في نظرتها، و العصبية في عمق صوتها أثارتا حفيظته، فأخذ يهزّ يدها بقوةٍ مغمغمًا :
-في إيه يا سلاف. مالك !؟؟
إنفعلت بغتةً و هي تسحب يدها من قبضته بكل قوتها :
-مافيش حاجة. بطلب منك تسيبني بس. مش طايقة حاجة !!
و تركته ماضية داخل المطبخ، ليبقى هو مكانه للحظاتٍ يفكر، يراجع نفسه.. هل أخطأ ؟
ما هو موطن خطؤه معها تحديدًا ؟
إنها تبدو غاضبة حتى قبل ان يحاول التحدث إليها.. و لكن مِمّ هي غاضبة !؟؟
لم يبقى “أدهم” ليفكر في هذا أكثر، دلف ورائها إلى المطبخ، فرآها تقف عند الحوض تجلي بعض الصحون و يبدو من حركة يديها العصبية و الكدر الشديد، تلك الحالة نادرًا ما تصل إليها، و غالبًا يكون السبب حقًا كبير و ليس تافهًا مثل الذي تخترعه أحيانًا لتتدلل عليه !!!
-أنا آسف ! .. تمتم “أدهم” و هو يأتي من خلفها ملامسًا كتفها بلطفٍ
سمعها تتنهّد بحرارةٍ، فأكمل بنفس الطريقة دون أن يجازف بالاقتراب اكثر حتى لا يزعجها :
-انفعلت عليكي و عاملتك بقسوة. ماكنتش أقصد يا حبيبتي.. بس تصرفاتك فاجئتني. ناديتك و ماردتيش عليا. و
حسيتك مضايقة. قوليلي مالك. انتي عارفة إني مش بحب أشوفك مضايقة !
لم تتغيّر لهجتها، بل ازدادت حدة و هي ترتعش تحت لمسة يده من فرط العصبية :
-قلت لك مافيش حاجة. ليه مش عايز تفهم. ليه مش عايز تسيبني في حالي !!؟؟؟
و استدارت صوبه متقدة العينين، كان يرمقها بخيبة أملٍ و حزن بَيّن، أراد جزء صغير بداخلها أن تكفّ عن الغضب و النقمة عليه فقط حتى لا يظل ذلك التعبير على وجهه، لكنها لم تتحكم بنفسها، فقدت تلك الصلاحية تمامًا الآن …