الموج الثائر
و كان قد تبلّل كليًا حتى قبل أن يقترب إلى هذا الحد، وقف في مواجهة الأمواج العاتية، يحدق في الفراغ اللانهائي، لا يوجد على امتداد البصر سوى السماء الرمادية و البحر الأزرق الزبدي …
وقف يتأمل تقلّبات الطقس لهنيهةً، يقارنها بمَ يعتمل بدواخله الآن، دس يده بجيب معطفه حين شعر باهتزاز هاتفه، كان واثق حتى قبل أن يلقي نظرة إلى الشاشة… إنها أمه.. السيدة “رباب” التي تخابره.. حتمًا وصلتها الأخبار ؛
و لم يشأ أن يقلقها، هي بالذات، ففتح الخط و أجاب :
-آلو !
أتى صوت أمه متلهفًا مذعورًا في الحال :
-مراد ! في ايه يابني. ايه الحصل عندك ده. قول لي السمعناه ده صحيح ؟ انت طلّقت هالة !!؟؟
طرحت أسئلة كثيرة و هو ليس له بالٌ ليجاوب على كل ذلك، فقال بصوتٍ عكس كل الغضب و الخيّبات الأليمة بصدره :
-ماما.. من فضلك. الموضوع ده انتهى. سامعاني ؟ انتهى و مش عاوز أتكلم فيه أبدًا.
-طيب بس فهمني يا حبيبي. حصل إيه.. ما انا لازم أفهم يا مراد ماتسبنيش كده. أنا و باباك و جدتك هنا ميتين من القلق !!
ابتسم نصف ابتسامة و هو يقول هازئًا :
-كلّمي البلّغوكي هما يفهموكي كل حاجة …
و قبل أن تنطق مجددًا قاطعها بصرامة :
-بصي يا ماما ماتقلقيش عليا. أنا كويس. رديت عليكي بس عشان تطمني. لكن أنا محتاج أبقى لوحدي شوية.. أرجوكي !
و أغلق الخط باللحظة التالية …