أملل عليه الرجل عنوان مزرعةٍ تقع في مربع سقّارة بالجيزة، إنطلق “مراد” في وقتٍ قياسي متفاديًا عشرات الحوادث، هكذا وصولًا إلى العنوان الذي تلقّاه على هاتفه …
صطف سيارته أمام بوابة المزعة المفتوحة، سحب في يده قطعة حديد يضعها دائمًا بالسيارة تحسبًا لأي طارئ …
ترجل “مراد” دون أن يغلق حتى باب سيارته، ركض بسرعة إلى الداخل، كان باب البيت مفتوح بدوره، اهتدى “مراد” بضوء الردهة على يساره، أفضت به إلى الغرفة ذات الباب الموارب
اقتحمها مناديًا بأعلى صوته :
-إيـمــــــان.. إيـمــــــــــــان …
-من هنا يا باشا !
أتى الصوت من أقصى الغرفة، شق “مراد” طريقه نحو المصدر من فوره، أحكم قبضته حول الحديدة بيده و دفع
الباب بهجومٍ مخيف.. أول من قابل بوجهه كان المدعو “رامز” يختبئ خلفه “مالك” …
-مراد أبو المجد !؟؟ .. قالها “رامز” مشدوهًا و هو يحدق بـ”مراد”
كذلك “مراد” ذُهل حين رآه و ردد :
-رامز الأمير !!؟
إنها صداقة قديمة، من الأيام الخوالي، جمعت بينه و بين صديق عمره “عثمان البحيري”.. كانوا مثلث صداقة مُحكم طوال فترة الدراسة الجامعية و سنوات العربدة و الفسوق قضوها كلها سويًا …
كيف آلت “إيمان” إلى طريقه بحق اللعنة ؟؟؟؟؟؟
-بنت بتعمل عندك إيه يا رامز !؟؟ .. خرج السؤال من بين أسنان “مراد” بحشرجةٍ ضارية
هز “رامز” رأسه مجفلًا :
-أنا مش مجمع أي حاجة يا مراد. ماعرفش إيه الحوارات إللي معاك و لا فاهم أي حاجة أقسم لك. انت عارفني
كويس ماليش الجو ده و انت بالذات.. انت صاحبي !
مراد بحدةٍ مخيفة :
-إيمان فين يا رامز ؟؟؟
تنحّى الأخير جانبًا و هو يُزيح “مالك” الذي وقف يتابع ما يجري بتوجسٍ و رعب، ليرى “مراد” حبيبته.. ابنة خالته…
“إيمان” على تلك الشاكلة
كانت أمامه كالموتى فعلًا و قد خشى أن تكون حقًا كذلك، تجاهل كل شيء، تلاشى أيّ تعبيرٍ آخر غير الجزع عن وجهه، أسرع ناحيتها هاتفًا بتلهفٍ :
-إيمـان.. إيمــان ردي عليـا. فيكي إيـه. حصلك إيــه ؟؟؟؟
كانت بين أحضانه الآن، جسدها بارد كالثلج، و فمها منفرج لا ينم عن أيّ مجرى للتنفس، مِمّا دب فيه الذعر و جعله يصرخ كالوحش و هو يدير وجهه نحو الرجلين من خلفه :