محفوف بالمزروعات، في آخره باحة تتوّسطها مّسقاة كبيرة تنساب منها جداول الماء بخريرٍ مريحٍ للأعصاب، ثم في الواجهة تمامًا ذلك البيت المكوّن من طابقٍ واحد ؛
ما إن صفط سيارته بالباحة حتى برز فجأة رجلٌ غريب، طويل القامة، ربما طوله ما بين المائة و ثمانون حتى
التسعون، يرتدي ملابس عصرية مؤلفة من جينز و قميص أزرق محلول الأزرار تقريبًا، و شعره الطويل قد جمعه في ربطة على شكل ذيل حصان
إنكمشت “إيمان” على نفسها عندما رأته يخفض نظّارة الشمس بإصبعه لينظر إليها مباشرةً.. و ارتعدت فرائصها
بعنفٍ حين صاح “مالك” بغتةً و هو يترجل من السيارة :
-المعلم رامز. واحشني يسطـا !
و هرول إليه ليأخذه في حضنٍ رجولي لم يستغرق ثانية، أمسكه المدعو “رامز” من كتفه و قال مبتسمًا :
-لا يا شيخ. و لما تاخد غرضك من رامز تبقى خلصت خلصت حاجتي من جارتي و يبقى وشك و لا القمر صح ؟
قهقه “مالك” قائلًا :
-إيه يا عم جو أمي و خالتك ده. ماتكبرش الحوارات كده. إحنا مانستغناش عنك يا كبير
هز “رامز” رأسه و أخذ ينقل بصره بين صديقه و مرافقته بالسيارة، و تمتم :
-هي دي بقى مراتك ؟ مش كان بدري عليك يابني. ده انت لسا صغير مش حِمل جواز و واحدة ست تشيّبك قبل الأوان
ابتسم “مالك” و قال غامزًا :
-لأ ماتقلقش. صاحبك جامد و مسيطر. إللي قدامك دي ماتقدرش ترفض لي طلب و خاتم صباعي
رفع الأخير حاجبه …
-لأ ما هو باين.. بتقول كاتب كتابك بس و عرفت تجيبها هنا وكرنا. بقيت معلم ياض !
أزهاه الإطراء كثيرًا، ليتنهد “رامز” رابتًا على كتفه :
-بص. عيش حياتك. المزرعة كلها تحت أمرك. بس مش عايز أي نوش فاهمني ؟
-عيب عليك يسطا هي أول مرة !
-أمين …
و مد يده خلسةٍ إلى جيب سرواله الخلفي، لسلّمه قنينة دواء صغيرة قائلًا بصوتٍ خفيض :