أفاق على صوت التنبيه الذي استبعده لقرابة الساعتين حتى الآن، مد ذراعه ليسكته فوق الطاولة المحاذية لفراشه، تغلّب على كسله بسرعة و قام فورًا إلى الحمام الملحق بغرفته
مشى عاري الجزع إلى هناك، و خرج بعد فترةٍ وجيزة مرتجيًا مئزر الإستحمام، كان قد توضأ بالفعل ففتح خزانته و استخرج كنزة و سروالًا من الجين، ارتدى ملابسه و ذهب إلى سجادة الصلاة بمنتصف الغرفة ليؤدي فريضة الظهر
المتأخرة عليه
انتهى تمامًا مع ارتفاع نغمة هاتفه معلنة عن مكالمة واردة إليه.. قام عن السجادة و توّجه نحو الهاتف المضاء بين أغطية فراشه ؛
ألقى نظرة على هوية المتصل، عبس عندما تبيّن أنه رقمٌ مجهول، لكنه رد في الأخير بصوتٍ به نبرة مستوضحة :
-آلو !
لم يأتِ أيّ رد في الحال.. لكن ما هي إلا ثوانٍ و تسرّب عبر السمّاعة صوت نحيبٍ تعرّف عليه فورًا… قبل حتى أن
يتأكد صاح :
-إيمـان !؟؟؟ .. إيمان. رقم مين ده. إنتي فين يا إيمان !!؟؟؟
أصابه الهلع بشدة حين تعلا صوت بكائها الآن، ثم صوتها هي و كأنه مكتومًا :
-مراد.. أنا.. باين. لأ. مش باين.. أنا بموت يا مراد !
فقد عقله كليًا و هو يصرخ بالهاتف :
-إنتـي فيـــن !؟؟؟؟؟
لم ينتظر ليسمع الإجابة حالًا، قفز يجمع حاجياته، سلسلة مفاتيحه و بعض المتعلّقات الأخرى، ثم إنطلق خارج الغرفة صافعًا الباب خلفه
كان يتنفس بعنفٍ و هو يهبط الدرج سامعًا نداءات والديه من حيث يجلسان هناك بالمطبخ المفتوح، لكنه تجاهل
كل شيء خاصةً عندما استمع لصوت رجولي يخاطب “إيمان” على الطرف الآخر، إلا أنه لم يلتقط الكلمات بدقةٍ، إنما أتاه صوتها هي :
-مراد !
وصل الآن بمرآب السيارات، فتح سيارته و أستقل بها مسرعًا و هو يجاوبها بصوته الواهن المتألم :
-أنا معاكي يا حبيبتي. أنا جاي لك. بس قوليلي إنتي فين ؟؟؟؟
تأهب بتركيزٍ ليسمع ما أراده و هو يشغل محرك السيارة استعدادًا للإنطلاق، لكن ما حدث هو العكس تمامًا..