خرج “مالك” من الذكرى محتقن الوجه بشدة، و كأن الدخان سيأتي من أذنيه، كان يقبض بيديه على حافة سريره، أحسّ أن واجهة الخشب سوف تنكسر في قبضتيه لو ضغط أكثر …
تراجع فجأةً و هو يُطلق السِباب بصوتٍ مكتومٍ و يتوّعد بينما ينظر لإنعكاسه الشيطاني بالمرآة :
-مش هاسيبك يا إيمان.. و رب سيف. أقسم بالله ما هاسيبك !!!
*****
مشيت أمه في إثره خطوةً بخطوة و هي تحدثه بلا إجابةٍ منه، هكذا وصولًا إلى غرفته، وقف أمام الشرفة
المفتوحة موليًا لها ظهره، لا يريدها أن تقرأ مشاعره التي لم تنفك تستوضحه عنها، و حتى هذه اللحظة لم تتوقف …
-انت مش هاتعرف تهرب مني تاني ! .. صاحت “رباب” بتحفظٍ به لمحة غضبٍ
أمسكت بذراعه الصلب و جذبته بقوةٍ :
-بصلي يا مراد و كلّمني. بقولك بصلي أنا عاوزة أفهم !!
كان مستحيلًا أن تجعله يلتفت رغم إرادته، لكنه طاوع رغبتها و سمح لحركة يدها أن تديره ناحيتها، رفع وجهه أخيرًا
و نظر إليها تلك النظرة التي تكون فيها عينيه في كسرةٍ مع حاجبيه جبينه، رموشه الطويلة مُسبلة قليلًا ؛
شعرت و كأنه عاد صبيًا للتو، تلك النظرة التي لم تكن بقادرة على مقاومتها، تعني أنه في أصدق لحظاته و أكثرها حقيقةً …
-أنا بحب إيمان يا ماما ! .. اعترف “مراد” بهدوءٍ و ثبات
حدقت فيه “رباب” بغرابةٍ بادئ الأمر
لم تستطع إبتلاع كلماته، رفعت حاجبها و كأنها تتساءل إذا كانت قد سمعها بشكلٍ صحيح …
-انت بتقول إيه. إيمان.. إيمان بنت خالتك أمينة !؟؟
أومأ برأسه مرةً واحدة، ليتحوّل تعبيرها من الذهول إلى الغضب :
-مش ممكن. انت أكيد بتهرج. إيمان.. إيمان دي متجوزة دلوقتي !!!
رد عليها بخشونةٍ :
-و قبل ما تتجوز خالص كنت بحبها. ماما.. بقولك بحب إيمان. إيمان أول حب في حياتي. و عايزها. أنا عايزها يا ماما و لازم تساعديني !
رباب مشدوهةٍ : أساعدك ! انت بتقول إيه أصلًا. يابني انت من شهر فات كنت مطلق و في حالة نفسية وحشة. مش كنت بتحب هالة و عاوز ترجعها !؟؟؟
مراد باستياءٍ حانق :