-لا ولدت في مصر. ذهبت إلى لندن مع والديّ و أنا في الرابعة فقط !
ابتسمت بجاذبية …
-و لكنك الآن تقيم بالولايات المتحدة. هل يمكن أن تخبرني كم الساعة الآن بمصر ؟
ضيّق عينيه مفكرًا لبضع لحظات بصوتٍ عالِ :
-إنها الثامنة صباحًا بتوقيت واشنطن.. لا بد أن تكون تقريبًا الحادية عشر مساءً بتوقيت القاهرة !
هتفت بمرحٍ : رائع. أرأيت. إنه التوقيت المثالي يا حبيبي !
لا زال لا يفهم ما تقصد، فقلبت عينيها بسأمٍ و اقتربت من أذنه قليلًا لتهمس له :
-من المقرر أن أهنئك بعيد ميلادك بعد أقل من ساعة. لا يُفترض أن ننتظر حفل المساء لنحتفل ! .. و غمزت له
بدأ يستوعب ما تعنيه بكلماتها، لكنه توتر عكس ما توقعت و هو يسألها :
-و لكن. كيف.. و أين آبيجيل !؟؟
جاوبته بجديةٍ تامة :
-مختبر الفيزياء مغلق للصيانة. قابلني هناك فور حلول ساعة الغذاء. سأذهب الآن لدي فصل تاريخ.. إلى اللقاء
حبيبي !
و استدارت موّلية تجاه مجموعة من الفتيات، لتتركه هو مبلبل الفكر بعد أن وضعته أمام الأمر الواقع، دق جرس المدرسة معلنًا بداية اليوم الدراسي، و ذهب كلٌ إلى صفّه، و لكن كيف عساه أن يركز على أيّ شيء ؟
فهو بعد قليل سوف يخوض أول و أهم تجربة بحياته كلها.. تنتابه مشاعر عنيفة و جمّة، يخشى أن يخفق، أو يحدث أيّ شيء يُفسد الأمر برمته، إنه صفر من الخبرة في هذا المضمار، لولا تشجيع بعض أصدقائه و دفعهم إيّاه ليجرّب ما كان مهووسًا إلى ذلك الحد للخوض فيه
لا يمكنه التراجع الآن، لا يمكنه تفويت تلك الفرصة خاصةً مع فتاة مثل “آبيجيل”.. اليوم سوف يثبت رجولته معها… اليوم سيكون بالغٌ رسميًا !!
حانت أخيرًا ساعة الغذاء، و اعتذر “مراد” من رفاقه متذرعًا بحجة المرور بالمكتبة لإستعارة بعض الكتب الهامة،
لكنه بالطبع توّجه رأسًا إلى مختبر الفيزياء الواقع بالرواق الكبير، قريبًا من حركة سير الطلبة بما يكفي ؛
ولج “مراد” إلى هناك و أغلق الباب خلفه مسرعًا، كان قلبه يدق في صدره بعنف، بادئ الأمر ظن أنها لم تأتي بعد، لكنه تفاجأ بيدها تلمس كتفه من الخلف، لا يمكن أن يُخطئ لمستها قط !
أغمض “مراد” عينيه على دفقاتٍ من المشاعر العارمة جاشت بدواخله، الآن كل مخاوفه تبددت، فهو حقًا لا يريد سوى أن يكون معها، و الآن …
-آبي ! .. استدار مطوّقًا خصرها بذراعيه